إلياس فرحات

1893 - 1976 / لبنان

ما جاع لبنان - Poem by

لـبنـانُ مـن نـور العـروبةِ يـــــــــقبسُ
فلـيبسمِ الغاوون أو فلـيعبســـــــــــوا
هـذي تبـاشـيرُ الصـبـاحِ تدلّنـــــــــــا
أنْ سـوف يغمـرنـا نهـــــــــــــارٌ مُشمِس
عِقـدان بـل لـيلان كـنّا فـيـهـمــــــــا
ندعـو عـلى وحش الـــــــــــــتفرّقِ يفطس
لا بـل هـمـا وحشـان، وحشُ وصـــــــــايةٍ
شـرسٌ ووحشُ عـمـىً وهـذا أشـــــــــــــرس
يـتعـاونـان عـلى الشآمِ وأهلهــــــــــا
ذئبٌ يُريـق دمـاً ودُبٌّ يلــــــــــــــــحس
ذهـبَ الـمـجـاهـرُ بـالعـداء فلـيــــــته
أخذَ الـذي بـالطـائفـيّة يـهـــــــــــمس
لـولاهـمـا مـا كـان إلا حـاكــــــــــمٌ
فردٌ لأمتـنـا وإلا مـــــــــــــــــجلس
أنـا مـا قـرأتُ ولا سمعتُ بأننــــــــــا
شعبـان بـيـنهـمـا حدودٌ تُحــــــــــــرَس
مـا جـاع لـبنـانٌ وفـي ســــــــــــورّيةٍ
خبـزٌ ولن يَعـرى وفـيـهــــــــــــا مَلْبس
لـبنـانُ فـي ديـن العـروبةِ مذهـــــــــبٌ
أمـا العـروبةُ فهـي ديـنٌ أقـــــــــــدس
لـبنـانُ فـي عِقـد العـــــــــــروبةِ دُرّةٌ
فهـو النفـيس لـديَّ وهـــــــــــي الأنفس
لـبنـانُ فرعٌ نـاضرٌ فــــــــــــــي دوحةٍ
طـابت مـجـانـيـهـا وطـاب الــــــــمغرس
أأنـا غريبٌ فـي دمشقَ وأهلُهـــــــــــــا
أهلـي بـلطف حديثهـــــــــــــم أستأنس؟
أفأجنـبـيٌّ فــــــــــــــي الشآم فتىً له
لـبنـانُ مهدُ طفـــــــــولةٍ لا «الأَندِس»؟
أَعَلى الـدمشقـيّيـن فـي بـــــــــيروت أنْ
يـتحـمّلـوا الـتعـيـيرَ او يـتجنّســــوا؟
هـذا اختـراعُ الآكلـيـن إلهـــــــــــهَم
قـامت تؤيّده عجــــــــــــــــــوزٌ مُومس
تـمشـي الـمفـاسدُ خلفهـا وأمـامهـــــــا
والسلُّ يـزحف حـولَهـــــــــــــا والسفلس
شـاءت مطـامعُهـا فشـادت فـوق مـــــــــا
كـانـوا عـلى صخر الـتعصّبِ أسّســـــــــوا
نفختْ بـهـم روحَ العـداِء لـيعــــــــــربٍ
فتفـيـنقـوا فـي ظلّهـا وتَفرنســـــــــوا
كـنـا نقـول لهـم حذارِ وكلّمــــــــــــا
قـلنـا حذارِ تبختـروا وتبـهـنســــــــوا
نـامـوا عـلى ريش النعـامِ ومــــــا دروا
أنّ الـذي ولـيَ الـحـمـــــــــــايةَ أطلس
حتى إذا فتح الصراخُ عـيـونَهــــــــــــم
وجـدوه فـي دمهـم يعــــــــــــوم ويغطس
يـطأ القـلانسَ واللــــــــــــحى بحذائهِ
فإذا لـمسنَ حذاءه يَتـــــــــــــــــنجّس
لسنـا وربِّكَ شـامتـيـن وإنمـــــــــــــا
نخشى رجـيـمـاً مـا يـزال يُوســــــــــوس
بُعـداً لأفـيـون الهـــــــــــــوانِ فإنه
لـم يرضَ معتـادوه إن لـم يُرفَســـــــــوا
إنـا نرى الغربـانَ نـاظرةً إلى الـمـاضـي تُجِّنز تـارةً وتُقـــــــــــــــدّس
تبكـيـه يـائسةً وتأمـل عـــــــــــــودَه
فتخـيـط أثـوابَ الهـنـاءِ وتلــــــــــبس
أمـلٌ سـرابـيٌّ عقـيـمٌ ضـــــــــــــــائعٌ
أمـلٌ غُرابـيٌّ عـديــــــــــــــــمٌ مُفلس
ذهـب الـذي رَوّى فسـائلَ شـرّهــــــــــــا
بـغـيـوث شِرّتِه فكـادت تــــــــــــــيبس
مـن ذا يكـيـد لـيعـربٍ ولأحـــــــــــمدٍ
ويحـرّك النعـراتِ وهــــــــــــــو يُدلِّس؟
مـن ذا يظاهـرهـا إذا كـادت وكـــــــــم
كـادت فسـال دمٌ وفـــــــــــــاضتْ أَنْفُس؟
دهـمَ الخـفـافـيشُ الصـبـاحَ أمـا تـــــرى
للـذعـر كـيف طريـقُهـا تَتلـــــــــــمّس؟
حـيرى مـولّهةً تـروح وتـنثنـــــــــــــي
ولهى مُحـيّرةً تـمــــــــــــــــيل وتجلس
تتذكّر اللـيلَ القـديـم فتدّعــــــــــــي
ويروعهـا الفجـرُ الجـديــــــــــد فتخرس
ويـهـزّ نخـوتَهـا الغرورُ فتـنـتخــــــــي
وتـرى الـبنـادقَ فـــــــــي الأكفّ فتُسلِس
وتـودّ لـو كـان الظلامُ مخـيّمـــــــــــاً
أبـداً وكـان الصـبحُ لا يـتـــــــــــنفّس
هـيـهـات قـد خـابت أمـانـيـهـا فلا
الْـمـرؤوسُ فـاز ولا استفــــــــــاد الرَيِّس
العقـلُ مـنحـوسٌ أصـاب بــــــــــــــدسّهِ
عكـسَ الـــــــــــــــمؤمَّلِ والغريّبُ أنحس
والـوكرُ فـي لـبنـــــــــــانَ مضطربٌ يرى
شبحَ العـروبةِ فـي الطريـق فـــــــــيُوجس
حسبَ الجحـيـمَ لظىً كـمـا وُصـــــــــفتْ له
فإذا الجحـيـمُ شبـابُهـا الـمتحـــــــمّس
أحـرارَ سـوريـا الـذيـن ألفتـمـــــــــو
رحـبَ الفضـاء يضـيركـم أن تُحـبســـــــوا
لا تـرهـبـوا هـذي الـحدودَ فإنهــــــــا
خطٌّ عـلى رمـلٍ يــــــــــــــــزول ويَدرس
بـيـن الأُلى قسمـوا الـبـلادَ وبـيـننـــا
حـربٌ ولـيس يفـوز مــــــــــــن لا يبؤس
الـوحدةُ ا لكبرى لنـا أمـنــــــــــــيّةٌ
حـاشـا لطلاّب العُلى أن يـيأســــــــــوا
322 Total read