بشير قبطي

1929 - 2016 / فلسطين / لبنان

من أين أنت ؟ - Poem b

من أين أنتَ؟ وجلجلـتْ كلـمـاتُه فـي مسمعـيّا
نَسرٌ من الوطن الكبير يجوب في العَليا قـويّا
أبدًا أَبَى في القيـد والإذلالِ أبراجَ الثُّريّا
في الجوِّ أوغلَ تـاركًا للخُنَّع العـيش الرخـيّا
ومضى يحلِّق سابحًا فجرًا على الـدنـيـا فتـيّا
وإذا به يعني المدينة بلدتـي بنـتَ النِّضـالِ
أنا من ربا يافا وشاطئها المرصّعِ بـاللآلـي
وأنامـلُ الريح الـمعطَّر نمـنمتْ وجهَ الرِّمـال
وهناك يا خِلّي رضعتُ المجدَ من ثَدْي الـدَّوالـي
وبها فُطمتُ على الزهور على عبيرِ الـبرتقـال
أنا من ذُرا الشهداء يسقون المروجَ المخمليّهْ
بدمائهـم جـادوا يُغَذّون الـحقـولَ السندسـيّه
فإذا خدودُ الزهر لـوَّنهـا النجـيعُ بنفسجـيّه
ومع النسـيـم تفـاوحتْ نَشْرًا وأرواحًا زَكـيّه
لمّا تزلْ في خاطري، تلك المشاهدُ، بعدُ، حـيّه
أنا من هناك من الذُّرا الزهراءِ والموجِ اللَّعـوبِ
أنا من هناك من التلال متـوَّجـاتٍ بـاللهـيب
والشمسُ إكليلٌ من الياقوت تـرقصُ فـي الغروب
قد داعبتْ خدَّ السمـاء وصـفحةَ الـيـمِّ الطَّروب
وعلى كمانِ البحرِ تعزفُ للنّدى لـحنَ الـمغـيب
وتَساقطَ الطِلُّ النَّديُّ على الرياضِ مع الـمسـاءِ
وتغازلَ الأزرارُ وَلْهى فـي تعـاريجِ السمـاء
تصبو إلى الأورادِ تـرمقُهـا بأطرافِ السّنـاء
ظَمْأى كعـشّاقٍ تـواعـد فـي عـنـاقٍ للقـــاء
والبدرُ يسبحُ في مياهِ البحـر فضـيَّ الضـيـاء
وتَسلّلَ الفجرُ الرطيبُ إلى الرّبا عبر الـبطـاحِ
نفض الحياةَ على الزهور فعانقتْها بالتـيـاح
وتفتّحت أجفـانهـا طربًا عـلى قُبَلِ الصـبـاح
تذرو النّدى دُررًا فينظمُها قـلائدَ للأقـاحـي
حمل النسيمُ أريجَها وانسـابَ مـنطلقَ الجنـاح
أنا من تلال الرملة البيضاء ذهَّبها الأصـيلُ
من سفح غزَّةَ من ربوع اللـدِّ تحضنُهـا السهـول
من روض حَيْفا، روض كرمِلها تلـذُّ بـه الشَّمـول
من دَوْحِ يافا من عروس الشرق أَسْكرهـا الهديل
أنا من ضلوعِ القدسِ مزَّقها بخنجـره الـدّخـيل
248 Total read