عيناكِ ، هل أَنا من يرود
عوالم الأَسرار وحدَهْ
ويجول حيراناً يرى
ما تطبق الأَجفان عنده
سُوَرٌ من الآيات كم خلعت
على الأَكوان جِدَّه
فكأنما سكر الظلام
فمدٌ للأَنوار زنده
فتضاحكت زُهر النجوم
وعانقت للصبح نهده
وكأنما جُنّ الرياض
فعدَّ مثل الشوك ورده
ولوى النخيلَ إلى الحضيض
فجرَّح العلَّيقُ خدَّه
ورمى الصنوبر بالخضوع
فطاول الريحان قدّه
وأَفاح من سَقْط النبات شذا
وأَي شذا ، فبعده
خجل البنفسج ان يفوح
وخبأَ النسرين ندَّه
وكأَنما في التلِّ تحتانٌ
وفي الوادي مودَّه
يتصافحان ، وكم شكا الوادي
قبيل اليوم حقده
وتحرَّقت أَنفاسه حسداً
وعاب عليه مجده
وكأَنما حسر الزمان
جبينه وأَزاح بُرده
فإِذا الهنيهة عالمٌ
أَخفى عن الرغبات حدَّه
فبنى على الاغراءِ مخدعه
وفوق الحبِّ مهده
هيهات كيف أَعيش؟
في عينيكِ مأْساة ووحده
وتشوُّقٌ لغدٍ تخاف الشمس
أَن تنهار بعده
وبقيَّةٌ من غابرٍ سكب
النعيم لديه رغده
ورؤى يضيق بها الخيال
فترتمي للغيب عبده
أَوَّاه ! هل أَنا واهمٌ
أَتتيح لي عيناك عوده
للحبِّ ، أَمرغ جبهتي
بترابه وأَعيش عبده؟
لا يا حبيبةُ ، لست من
يرتاد في عينيك سعده
لي خافق عبث الزمان
به ، ولم يبلغ أَشُدَّه
خبر الهوى زمناً ، فأَسكر
لبَّه وأَطار رُشده
وهوى به حتى أَصار
الليل مأْتمه ولحده