! قاسم
تُرى
أين أنت؟
أنا لم أنسَكَ
خلال هذه السنين
الطويلة
كأسوارِ المقابر
دائمًا
أسأل عنكَ العشبَ
وأكوامَ التراب
أأنت حيٌّ
بعكازٍ وهيئةٍ وذكريات؟
وهل تزوجتَ
ولك خيمةٌ وأولاد؟
هل حججتَ؟
أم قتلوكَ على مداخل تلال الصفيح؟
أم أنك يا قاسم
لم تكبُرْ
واختبأتَ عند العاشرة؟
فلما تزل
قاسم الصبيَ
الذي يركض ويضحك
ويقفز عن السناسل
يحبُّ اللوزَ
ويبحث عن عشاش العصافير؟
حتى إن كانوا يا قاسم
قد "فعلوها
وقتلوكَ
فيَقيني أنكّ "ضحكتَ" على قاتليك
كما "ضحكت" على السنين
فهم بالتأكيد
لم يجدوا جثتكَ
على كَتِفِ الطريق
لم يعثروا عليها
لا في مصبات الأنهرِ
ولا على الرفوف
لا على طريق الحجّ
ولا تحت الأنقاض
ولأن أحدًا
لم يرَك
وأنت تخفي جثمانكَ
فما من أنسيّ
سيعثرُ عليكَ
ما من جهةٍ
ستقع على عظمةٍ منكَ
أو إبهام يخصكَ
أو فردة حذاءٍ بقياس قدمكَ
"لقد ضلّلتهم يا قاسم"
لقد حسدتكَ دائمًا
يا قاسم
على حسن اختبائكَ
في "الغُمَيضة"
التي طالما لعبناها
حُفاةً في الأمسيات
ونحن أطفال
قبل أربعين سنة