سنية صالح

1935-1985 / سورية / مصياف

رامبو الألف وبودلير العشرون - Poem by سنية صالح

كان الشعراء يفكرون في الثلوج
على قمم كلمنجارو
في الرياح على ضفاف البحيرات
يحلمون بالأميرات النائمات مع قيثارتهن
تحت أشجار الأضاليا
أيها الشعراء
يا سائسي أعمارنا
النار الأولى تمنح من جديد
لآليات العصر ومواقده
الكشف البدائي
رامبو الألف وبودلير العشرون
جميعهم يجرون في دمائنا
ونهجم في اتجاهات العالم كلها
جموعا تنهش وتفترس
وتستعيد الجوع الخرافي
مساء الخير أيتها الحزينة
وحدك في الليل ومتعددة في النهار
تظهرين بشكلك الهندسي
يغطيك ِ رماد الوحدة
أرقبك من نافذة المنفى
كي لا نفقد مجاذيفنا في الظلام
أعود إلى عصورك الأولى
قلبي، شعري وأحلامي
لا أجرؤ على عصيانها
كان نشاط الحصادين في أوجه
في حركتهم اللائبة تحت شجر الخطيئة
والريح ترفعهم شيئا
فشيئا
يضمون رؤوسهم، يهمسون أو يصلون
يلوحون بأذرعهم في الفضاء
ثم يقذفونه للريح؟
يكررون الحركة الباطلة
والريح ترفعهم
كي يقبضوا لها على الغيوم
أو ليغيبوا فيها
يا لذلك الحصاد
بعيدا مضوا
أخذوا ظلالهم ومضوا
تركوا حصادهم ومضوا
ثمة انقسامات كثيرة بين صفوف الغيم
الغيمة الواحدة تتناثر
فيخرج فراخها
ناقلين خبز الخريف إلى موائد الشتاء
أيها الخريف الزاني
هيا ندفن الحصاد الذي أهمل
هيا نجذب الذاكرة المجهولة
لتنساب خيوط العالم تخيط الجزر المشردة
لتصير القارة الوهمية
أو الوطن الآخر
أيها المقنّعون بكل ما نحب
ونكره
لم لا تصغون إلى؟
لساني الثقيل سيذهلكم
إذا ما انطلق مرة واحدة
أيها الغامضون إذا مسستكم بسيفي
شطرت لسانكم إلى ألف
كل شطر يناقض الآخر
أصغيت إلى الأعراب والخراسانيين
وبقيت أصغي
حتى تساقطت أذناي في حسابات الطرق
والمسافات
ولسعتني الهزيمة
لو أن الكارثة تنشطر
وينبت عليها الشجر والعشب الجميل
لو أن الملائكة تخرج من الحجار
والأحباء من شفرة الفأس
لو تجري أعظم الأنهار فوق راحتي
لو يرتوي هذا الظمأ
امتطت الآلهة جياد البوتاسيوم
المطهمة
وعندما توقفت على حافة نافذتي
دهشتُ
فجأة انفرط جسدي إلى نمل صغير
وأخذ من الرهبة يقرض بعضه البعض
ولما انتهى من كل شيء
أكملت الآلهة تجوالها الملكي
خريف مبدع لكنه يدمر أنثاه
وعندما يستريح رأسه
يشرب من كأس أنوثتي
كأس من خريف المعدن
من غموض اللغة والشعر
كيف يشعل حروبه
وأنثاه تكنز ذلك المطر؟
نحن والذئاب ننام
ومثلها نموت
يا لهذه الشراكة
كيف تجيء النهايات؟
كيف ينتهي الصباح؟
كيف تنتهي الموسيقى؟
كيف أصنع رأسا من تلك الصخرة التي
تعتلي منكبي؟
كيف أروي تلك المساحات الشاسعة من الرمال
وأنا لا أملك إلا قطرة دم واحدة
منحني إياها جمع غفير من الأجداد
وأخبروني أنها سري
فانتابني نوع من الحيرة
كيف أدخلها جسدي؟
لا لضيق المكان
وقلة الشرايين
بل لأنني لم أعتد على الوجود بعد
120 Total read