أنا المراة الرهينة
السلف يطالب بي والخلف
وأنا أنتزع نفسي من فم الفراغين
أحلم بآخر الكون
عَلّ المجدَ البشري يشهد النهاية
ينتظر طويلاً حتى تنتهي الحضارات
العشاق والشعوب
أو ربما تهاجر
وتبقى الأرض لي
لي وحدي
لأكون حواء الرائعة
لكنني صحوت
فوجدت الحراب تطوقني
لقد كان حلماً أيها القضاة
يا سادتي القضاة
الخريف يمزق قِشرتهُ
مذعوراً من الفراغ والوحدة
عصياً، أرقاً
يتسكع وحيداً في شوارع الرمل
مشغولاً بأفكاره
يعلن الهجرة
لكنه ما يلبث أن يعود مجذوباً
بحب الوطن
يُضرمُ نيرانه ويزرع رماده
لكن من يحصده
وفي أعماقه الإمبراطوريات
والجيوش المفككة
رغم أزرارها اللامعة؟
الجيوش التي تعسكر في ممالك الكبد
أو تغور إثر الأحشاء بذخيرتها النفاذة
تسحب نهارها من الأسواق
كي لا يمر نُسغُ الذات
داخل الغابات الخريفية
في كنيسة الجسد المتقدمة
أيها السادة
هي ذي أنهاري
تدفع محصولها المائي
إلى فم المحيط
الضريبة التي فرضتموها تؤخذ عَنَوةً
أدفعها إلى جوف خزائنه
حيث يكنز ذهبه وذكرياته
حيث تنام الإمبراطوريات
ودموعها ملء عيونها
تتكئ على أدراجه
أو تتمدد على رماله
إنه يتعامل مع الجسد والروح
كزبائن قدامى
لكنه يلتهمها عندما يجوع
أيها القضاة
إن كلمات العدالة التي بين أضراسكم
ليست للمضغ
إبصقوها، هنا، في راحتي
لأضمها
أدفعها أمام الأفواه
أغتسل بها
وإلا
فما نفع ذلك الماء
الذي يدور في داخلي
إن لم ينح المحيطات العظمى
حيث تموج دموع التعساء؟
فمرحباً أيها الهدير الخالد
أيها الصراخ الطالع
لكي أشقّ ذلك الهدير الغامض
أحمل وطأة موتي
ينصحونني بقبوله
ذلك الموت
يَغُرُّونني بالاستسلام له
لكن
تأخذ الريح شِلواً من جسدي
أجري خلفها، وأعيده
وعندما تأخذ آخر وتلهو به
أهجم ثانية وأعيده
هكذا دارت الحروب على مداخل الجسد
حيث يقف رجل من النحاس
يُلقي القبضَ على ما يفرُّ من الذات
أيها القضاة
نصحتموني بالألم والتشرد
بالحرمان
بحمل الجراح
فحملتها حتى التوت عظامي
نصحتموني بالسرعة
ويقولون إن الكون الكبير يعبر
لكن ما شأنه بقلبي؟
سأصنع نفقاً من الحب
وأفرُّ
عَلّني أسبق اللصوص والطغاة والقتلة
الذين من بصاقهم حبر التاريخ المقدس
به تُدَوّن الأشواق الباردة
والأفكار الميتة
ترهات الزمن
وحضيض الذاكرة
فأين نفرغِ تلك الحمولة أيها السادة؟
هنا أمام مِنصّاتِكم؟
أم في العراء؟
حيث البرق يمنحني ناره
فأتسع بها
والبحيرة مِرآتها
فأصل إلى نفسي
إلى غرف الرأس الغامضة
والرعد يفتح أذني للنبوءات؟