يا جارةَ النَّخْلِ، يا قيثارةَ الأَزَلِ
هاتي نَشيدَكٍ من عِطْرٍ ومن غَزَلِ
هاتي نشيدَكِ مِلءَ الفجرِ غمغمةً
وأَيقِظي الشاطئَ المخمورَ بالقبلِ
بالضوءِ يَرقُصُ عُرْياناً على أَبَدٍ
منَ النخيلِ غريبٍ، ساحرٍ، خَضِلِ
أَمْلي على شَفتي لحناً، على قَلَمي
قصيدةً من بَناتِ الشطِ لم تُقَلِ
لم تجرِ في وَتَرٍ، لم تَسْرِ في عَصَبٍ
لم يُسٌها الليلُ في أكوابهِ الأُولِ
يا جارةَ النَخّلِ، خيطُ الغجرِ يَسْرِقُني
من سَكْرَتي، وبقايا الحُلْمِ في المُقَلِ
رُدّي إليّ رُؤايَ الخُضْرَ.. لا تَدَعي
يَدَ النهارِ تَرُوعُ الليلَ، لا تَسلي
الخيمةُ البِكْرُ، هذا الصمتُ، رائعةٌ
قصيدةُ اللهِ.. هذا الصمتُ يَهتِفُ لي
مُدّي عليّ غِطاءَ السحرِ.. واتّكئي
في خاطري نشوةً تنداحُ كالأملِ
كغَابةٍ خلفَ غاباتٍ، يَضِلُّ بها
شِعْري، يَتيهُ على لألائِها الثّمِلِ
هَدَّ الرحيلُ شبابي، فاتركي ظَمَئي
فوق الجزيرة أسقيهِ على مَهَلِ
أنامُ بضعَ هُنَيْهَاتٍ، أغِيبُ على
مشارِفِ الجنةِ العَذراء عن مَلَلي
أغيبُ عن صَحْوتي، والدربُ يَسْحَقُني
دَرْبُ التحدّي سَلَكْناهُ، ولم نَزَلِ
الشطُّ أمسِ تلقّاني.. وَهيّأ لي
ما لا يُقالُ، صديقي الشطُّ هَيّأ لي
لا تُوقِظيني.. سأنسَى لحظةً سَهَري
أقولُ للحُزْنِ: عَنْ أجفانيَ ارْتَحِلِ؟
السندبادُ شِرَاعٌ يَسترِيحُ على
وِسَادتي، ويَلُمُّ البَحْرَ في كَسَلِ