سألتُ شجيرة الكافور، :قلتُ
لعلّها تدري
بأنا ذات أمسيةٍ
زرعنا فوقها قمراً
صغيراً أسود العينين والشَعْرِ
أشعلنا له شمعاً وكافورا
وفدّيناه بالنذر
فذاب الكحل مبهورا
وأحرقنا أصابعنا.. ولم ندر
غريباً مرَّ، يا عيني، وما َسَّلْم
تقول شجيرة الكافور
فانتظري مع الأحزان والأشواق عودته
ربيعاً آخراً
يا ليتها تعَلْم
بأنيّ حُكتُ من ضلعي وسادته
ومن نهديَّ.. والخدّين
لو يعَلْم
بأنيّ لن أراه مرةً أخرى
فإني، يا شجيرته
ربيعٌ واحدٌ عشناه
ثم مضى.. مضى.. مَرّا
حزيناً مَرَّ، يا عيني، وما سَلَّمْ
خّلفني مع الأحزان والصبر
ينوسُ بليلنا قمرٌ حزينٌ
أسود العينينِ والشعرِ
سُقيتِ.. شجيرةَ الكافور، :إن عادَ الرجال.. وكان بينهمو
حبيبي.. فانثري من فوقه الزهرا
وبُوسيه من الخدّين
رُشّي فوقه العطرا
وبوحي بالهوى عنيّ
وقولي
إنني ما زلتُ أهواه
وأحلُم؛
إذ يزور ضفافنا القمر الصغير
مُكحّل الجفنِ
ينام على الرمال
يُغازل النهرا
وقولي: إنني ما زلت أهواه
ومن حبات قلبي.. سوف أطعمه.. وأسقيه
دمي ودموع عيني.. آه يا عيني
وبالكافور والشمع اللهيب، نذرتُ، أفديهِ
وأدعو الله يَنصره ويرعاهُ
ويرجعهُ إلى حضني
سُقيتِ.. شجيرةً الكافور
لا تَنسَي.. وناديه
أيا ميمونة الغصنِ
وراح رفاقه المضنون
ينتحبون في صمت
وزغردت البنادق مرة أخرّى تودعه
وحوّم في المدينة طائر الموتِ
فمالت غرسة الكافور خاشعة
وطيَّ غصونها قمرٌ يشيّعه
وطُفِّئتِ السماء.. وغابت الأصوات
وضاعت آخر النجمات
ومن أقصَى المدينة جاء الفجر محتدماً
يؤذِّن في الشوارع غاضب الجرسِ
ويغسل مَدْرج الشمس