إسكـندريةُ فـيكِ الرِيُّ والظـــــــــــــمأُ
بأيّ قصّةِ حـبٍّ فـــــــــــــــــيكِ أبتدئُ؟
أقصّةَ الـحـبّ طفلاً فـي مـلاعبـــــــــــهِ
مـا هَمَّ أتـرابَه الـدُّنـيــــــا ولا عبأوا
أيـامَ كـنـا نرى الـحـرمـانَ معصـــــــيةً
ونأخذ اللّهـوَ كُلاً لـــــــــــــيس يُجْتَزأ
ونجعـلُ الرمـلَ قصرًا ثــــــــــــم نهدمه
ونركبُ الـمـوجَ عـرشًا ثـــــــــــم نَنْكِفئ
ولّت طفـولـتُنـا كـالـحـلـم مســــــــرعةً
ودبّ مـن بعـدهـا الـمستقبــــــــلُ اللّكئ
جـاء الشبـابُ وكـنّا فـــــــــــي مَلاوته
نلهـو فـنغلـو ونستشـري فـنجتـــــــــرئ
أمّا الشبـابُ فقـد فُضَّتْ مــــــــــــوائده
ومـا تخلّفَ إلا الجـوعُ والظــــــــــــمأ
تحـيّةً يـا «أبـا العبـاسِ» مــــــــن نَفَسٍ
عـلى شفـاعتكَ الـحسنـاء يــــــــــــتّكئ
وأنـتَ مـن تجتبـي للروح غايـتَهـــــــــا
مـن الصَّفـاء ويُجْلى عـــــــــــندكَ الصدأ
إن كـان ذنـبـيَ أنّي ضعتُ فـي نهـمـــــــي
إلى الجـمـال وعـيـنـي لـيس تـــــــمتلئ
أو أننـي فـي اشـتهـاء الـحسنِ مـــا برحتْ
نفسـي تـمـورُ وقـلـبـي لـيس يـــــــنطفئ
أو عـلّتـي أَنّنـي فـي الـحـبِّ عـاصــــــفةٌ
مـن الجـمـوح فأرشدْنـي لـمـــــــن هدأوا
أسـائل الزاهديـن الـــــــــحسنَ، أيُّ ضنىً
يستـرحـمـون عـلـيـه بعـــــــد أن برئوا
وأنـت حـارسُ هـذا الـحسنِ تــــــــــنثره
عـلى الضفـاف وتُدنـيـه لـمـن هــــــنئوا
أمضَّنـي الـذنـبُ، لكـن لـــــــم أزل كلفًا
بـه فجئتُ إلى مـثـواكِ ألـــــــــــــتجئ
إسكـندريةُ، عفـوًا عـن خطـيئَتـنـــــــــا
ويجـمـل العفـــــــــــوُ إمّا يكبرُ الخطأ
كـم مهـرجـانٍ أقـمـنـاه عــــــلى «بردى»
قـد كـنـتِ أولى بـه لـو أنصـف الـمــــلأ
مـنـازلُ الـوحـي فـي مغنـاكِ مـــــا برحتْ
والـمـلهـمـون عـلى شطـيك مــــــا فتئوا
يـا ربةَ الشعـرِ، يـا بـلقـيسَ دولــــــته
جـودي عـلـيـنـا، فإنـا كلنــــــا «سبأ»
بنـاكَ للصـيف ذو القـرنـيـن مـــــــروحةً
تُشفى بـهـا الـمهجُ الـحَرّى وتبتــــــــرئ
سمـاءُ غـيركِ تُزهى إن حـوتْ قـمـــــــــرًا
وأنـتِ أرضُكِ بـالأقـمـار تـــــــــــمتلئ
إنـي رأيـت طلـوعَ الـبـدرِ مـــــن «بَحَري»
فقـلـتُ هـبْ لـي أمـانًا أيـهــــــا الرشأ
إسكـندريةُ يـا مـيـنـاءَ ثـورتـنــــــــا
عـلى الطغاة ويـا مـيعـادَ مــــــن فُجئوا
فجـرُ العـروبةِ مـن مـاضـيكِ مـنـــــــبثقٌ
وللغدِ الـمُرتجَى ركـنـــــــــــــاكِ مُتّكأ
يـا مـن هششـتِ لعـمـروٍ يــــــــومَ مَقْدمهِ
ولنـتِ للّه لـمـا جـاءكِ النــــــــــــبأ
مددتِ كفّكِ للعُربـان فـانــــــــــــتصروا
وسُقتِ حتفَكِ للرومـان فـانهـــــــــــرأوا
قبـل الـحضـارةِ كـانـت فــــــــيكِ مكتبةٌ
يـنسـاب إشعـاعُهـا والكـــــــــونُ مبتدِئ
هـم أحـرقـوهـا وقـالـوا عـمـرُو أحـرقَهـا
يـا طـولَ مـا كذّبـوا الـتـاريـخَ واجتـرأوا
واللهِ لـولا حـروفُ العُرْبِ مـا كتبــــــوا
سطرًا، ولـولا عقـولُ العُرْبِ مـا قـــــرأوا
يـا كعبةَ العـلـم يـا تـاريــــــخَ نهضتهِ
ومـن ببـابكِ أعـلامُ الـحـمـــــــى نشأوا
ثُبنـا إلـيكِ وصلّيـنـا لجــــــــــــامعةٍ
العـلـمُ فـيـهـا حـلالٌ ســـــــــائغٌ مَرِئ
مـا أخلقَ العـلـمَ بـالـتأمـيـم فـي زمــنٍ
عـدْلٍ يؤمَّمُ فـيـه الـمــــــــــاءُ والكلأ