لا أدعي قول شيء, ما أحيط به
قبلي, ولا عابني استكبار معتوهِ
فكل ما في مدار الكون متصل
ببعضه, قيد إسرار وتنويه
كذلك العقل ملك الخلق قاطبة
ألعلم يُسمنه والجهل يضويه
وما خلتْ أمة من عاقل وغوٍ
ولا خلت سيرة من بُطْل تمويه
وليس تخفى على الأفهام محْمَدةٌ
ولا خَلاَ الحقُّ من إرجاف قاليه
وما تساوت مقاييس وأخيلة
يوما على حدث بادٍ لرائيه
لذا تناكَرَ أفهامٌ وأمزجة
وزاد في الخُلْف, واعيه وراويه
ومن هنا كان ترديد لما حفلت
به القراطيس, من صدق وتشويه
وبالتجاوز عن صحّ وعن خطأ
في نية القصد, خافيه وباديه
لأنه الله, لا الإنسان يعلمه
يُبقي لنا الوعيُ إبداءَ الرؤى فيه
ورونق القول في المنثور أفصحه
وفي القصيد انسجام في قوافيه
مع القرابة في مصداق غايته
إلى الحقيقة, لا للتَّيْه والتِّيهِ
فالبعض منه سخافات, ظواهرها
خلابة, وزعاف السم تُخفيه
والبعض مستغرب, جلبابه خشن
والبعض يرحمه إسفاف قاريه
وبعضه يجمع المعنى بهالته
طروبة كهَزار في مغانيه
والبعض لو صح معنى, شابهَ قِصرٌ
عن الفصاحة, يغضي من معانيه
وحسب أهل النهى تحكيم فطنتهم
لينصفوا الصقر ممن لا يجاريه
والحكم من بعد, للتاريخ مرجعه
ولن يقارَنَ محبوب بمكروه