سعاد الصباح

1948 / الكويت

يقولون - Poe

إنَّ الكتابةَ إثمٌ عظيمٌ
فلا تكتبي
وإنَّ الصلاةَ أمام الحروف...حرامٌ
فلا تقربي
وإنَّ مدادَ القصائدِ سمٌ
فإياكِ أن تشربي
وها أنذا
قد شربتُ كثيراً
فلم أتسممْ بحبر الدواةِ على مكتبي
وها أنذا...
قد كنتُ كثيراً
واضرمتُ في كلِّ نجمٍ حريقاً كبيراً
فما غضبَ اللهُ يوماً عليَّ
ولا استاءَ مني النبي
يقولونَ
إنَّ الكلامَ إمتيازُ الرجالِ
فلا تنطقي!!
وإنَّ التغزلَ فنُّ الرجالِ
فلا تعشقي!!
وإنَّ الكتابةَ بحرٌ عميقُ المياهِ
فلا تغرقي
وها أنذا قد عشقتُ كثيراً
وها انذا قد سبحتُ كثيراً
وقاومتُ كلَّ البحارِ ولم أغرقِ
يقولونَ
إني كسرتُ بشعري جدارَ الفضيلهْ
وإنَّ الرجالَ همُ الشعراءْ
فكيفَ ستولدُ شاعرةٌ في القبيلهْ؟؟
وأضحكُ من كلِ هذا الهراءْ
وأسخرُ ممنْ يريدونَ في عصرِ حربِ الكواكبِ..
وأدَ النساءْ..
وأسألُ نفسي:
لماذا يكونُ غناءُ الذكورِ حلالاً
ويصبحُ صوتُ النساءِ رذيلهْ؟
لماذا؟
يقيمونَ هذا الجدارَ الخرافيَّ
بينَ الحقولِ وبين الشجرْ
وبينَ الغيومِ وبين المطرْ
وما بينَ الغيومِ وبين المطرْ
وما بين أنثى الغزالِ،وبين الذكرْ؟
ومن قالَ:للشعرِ جنسٌ؟
وللنثر جنسٌ؟
وللفكرِ جنسٌ؟
ومن قالَ إن الطبيعةَ
ترفضُ صوتَ الطيورِ الجميلهْ؟
يقولونَ
إني كسرتُ رخامةَ قبري
وهذا صحيحْ
وإني ذبحتُ خفافيشَ عصري
وهذا صحيحْ
وإني اقتلعتُ جذورَ النفاقِ بشعري
وحطمتُ عصرَ الصفيحْ
فإن جرحوني
فأجملُ ما في الوجودِ غزالٌ جريحْ
وإن صلبوني.فشكراً لهمْ
لقد جعلوني بصفِّ المسيحْ
يقولونَ:
إن الأنوثةَ ضعفٌ
وخيرُ النساءِ هي المرأةُ الراضيهْ
وإنَّ التحررَ رأسُ الخطايا
وأحلى النساء هي المرأةُ الجاريهْ
يقولونَ
إنَّ الأدبياتِ نوعٌ غريبٌ
من العشبِ...ترفضهُ الباديهْ
وإنَّ التي تكتبُ الشعرَ
ليستْ سوى غانيه
وأضحكُ من كلِ ما قيل عني
وأرفضُ أفكارَ عصر التنكْ
ومنطقِ عصر التنكْ
وأبقى أغني على قمتي العاليهْ
وأعرفُ أنَّ الرعودَ ستمضي
وأنَّ الزوابعَ تمضي
وأنَّ الخفافيشَ تمضي
وأني أنا الباقيهْ
132 Total read