رياض الصالح حسين

1954-1982 / سورية / درعا

خراب الدورة الدموية - Poem by رياض ا

استلقي باص جسده
أو انتظريه في المحطة التالية
فهو الآن متهم لأنه قتيل
و متهم بتخريب الدورة الدموية
القبلة الأولى رصاصة
الطلقة الأخيرة حب
صورة شخصية لـ ر. ص. ح
يركض في عينيه كوكب مذبوح
و سماء منكسرة
يركض في عينيه بحر من النيون
و محيط من العتمة الطبقية
في عينيه -أيضًا-
تركض صبيّة جميلة بقدمين حافيتين
يغنّي
لقد كانت طريّة.. طريّة
كالثلج و الينابيع
لقد كانت سنبلة طريّة
و لذلك التقطتها بمناقيرها العصافير
لقد كانت طريّة.. طريّة
تركض بقدمين حافيتين فوق سهل أجرد
حلم
منْ يقطن في جسد 'يانافالينتوفا
الطافح بالغزلان و أشجار البلوط
المعبأ بالمعجزات الأرضية المشاعة؟
منْ يغتسل من محيط عينيها
و يتبلل بالنوارس و أصابع الصيادين السعداء؟
ها أنذا أتفقد مكتبة أيامي
فاتحًا كرّاسة الأنهار
لأقرأ في خطوط يديها
تضاريس الريح
و أمجاد الأمواج البرية
أتفتت في مناخ قبلاتها
أسماء خضراء و غابات سالكة
ممالك تفتح أبوابها لفرسان الدهشة
لعصافير الدوري المتفجرة بالغبطة و الأناشيد
عشب
جلسَ العاشقان على العشبِ
جلسَ العاشقانْ
خلفهما جثة لا تحدُّ
و بينهما جثة و دخانْ
أغنية
مزرعة للوفي، يدك التي تمتدّ لا ترجعيها
شفتي لغة ملطخة بالضنى
الآن تتمدد على سرير جسدك الوثير
ترتمي بين أشجار عينيك ذاكرتي
و أنا متشبث بضفائر يديك
أفتح نافذة للحديث
و بلحظة يقتنصك الغياب
أو تصبحين فريسة للأغاني
أسئلة
أيتها البلاد المصفحة بالقمر و الرغبة و الأشجار
أما آن لكِ أن تجيئي؟
أيتها البلاد المعبأة بالدمار و العملات الصعبة
الممتلئة بالجثث و الشحاذين
أما آن لكِ أن ترحلي؟
مدينة
يركض في دهاليزها فرس شوكيّ
يحكّ بقوائمه ظهرها الطافح ببثور الجرب
هي.. هي
المدينة-المئذنة
ثمة طاووس وحيد في حديقتها الواسعة
يفرد بزهو ذنبه الملوّن، لينظر إليه
ماسح أحذية ذو عينين حزينتين
و وجه ملطخ بالبويا
امرأة شقراء عيناها جرح و وجهها كآبة
بائع بطاقات يانصيب خاسرة سلفًا
كاتب هذه القصيدة المطرود من عمله
لأنه حاول التأكيد على أن الأرض توقفت عن الدوران، و أن الأبيض لم يزل أبيض و الأسود لم يزل
حوار
قلتُ: للبحر أجنحة
و مراكبنا الريح قد سرقتها
و تناثر شاطئ البكارة في حقائب قراصنة البرّ
فإلى أين أذهب
و أنا متسخ و عارٍ
مثلما القمر في منتصف ليلة صيفية؟
قلتِ: اغتسل بماء صوتي
و ارتدِ قبلاتي
قلتُ: قاطرة الوقت قد أنهكتني
فالقرى مدية تحتزّ وريدي
و المدن الصخرية امتلأت بي ضجرًا
و ها أنا أتيبّس بين اثنتين
- خطوة و سكاكين
- خطوة و قرنفل
أصبح الصوت سوطًا
و الحذاء قبعة
و الحدائق مستشفيات
و مكاتيب الغرام قنابل موقوتة
فمن أين أبدأ؟
قلتِ: فلتكن في البداية مذبحة الأبجدية
رقص
أسقط في حضن حبيبتي
شمسًا باردة
هواءً مختنقًا
أسقط في حضن حبيبتي
جسدًا مسكونًا بالجوع
مصفدًا بالحبر و الأحذية
أفتش في حضن حبيبتي
عن أغنية شرسة
و لحن مفترس
و
هل تحبين الرقص يا حبيبتي؟
امتلاك
حادّة كالشفرة
صلبة كحربة فولاذية تخترق القلب
واسعة كالمحيط
جميلة كالفرح
مضيئة كالضحكة
حبيبتي الممتلئة بالأعياد
شهية كرغيف الخبز
طيبة كبرتقالة
أما أنا
فلا أملك إلا هذه الكلمات
و بعض الذكريات التعيسة
المحفورة بضراوة على ميناء جسدي
107 Total read