ويلاهُ ويلاهُ كم نشكو وننتحبُ
وكم علينا صروف الدهر تنقلبُ
وكم تجور الليالي في حوادثها
على فؤَادٍ بنار الحزن يلتهبُ
قد اشعل البين في قلبي الحزين لظىً
يزيدهُ دمع عيني وهو ينسكبُ
روحي فدى منبهِ أَيدي القضا نَشِبَت
سهامُها بل بقلبي السهم منتشبُ
ويحي على غصن بانٍ مال منكسراً
كأنهُ الرُمح غالت قدَّهُ النُوَبُ
ويحي على بدر تمٍّ بات منخسفاً تحت الثرى ومَحَت أنوارَهُ التُرَبُ
يا ويح قلبيَ كم سهمٍ أُصيبَ بهِ
فلم يزل بدماهُ الجفن يختضبُ
مصائبٌ لست أدري من تكاثرها
فيهِ على أيّها أبكي وانتحبُ
يا أرض زحلةَ لي في حبها شَغَفٌ
إذ في حماها شقيق الروح محتجبُ
أَرضٌ لروحي في اكنافها سَكَنٌ
لذاك قلبي لهُ في حبّها أَرَبُ
يا راحلاً راح صفو العيش يتبعهُ
واستوطنت بعدهُ الأحزان والكُرَبُ
إن كنتَ عن مقلتي قد غبت محتجباً
فإن شخصك فيها اليومَ منتصبُ
وإن تكن بتَّ طيَّ التُرب وااسفي
ففي الترائب رسمٌ منك يحتجبُ
يا قلبُ صبراً على ما قد أُصِبتَ بهِ
ولا ترُعكَ البلايا وهي تعتقبُ
قد عوَّدتك الليالي الحزن من صِغَرٍ
حتى غدوتَ إِلى الأحزانِ تنتسبُ
يا قبرُ أَكرِم نزيلاً أَنت مؤتَمنٌ
منَّا على جسمهِ ما كرَّت الحِقَبُ
يا قبرُ بالله هل زالت محاسنُهُ
وهل تغيَّر ذاك المنظر العَذِبُ
احرص على ذلك الوجه الصبيح ولا
تدع محاسنَهُ يغتالها العَطَبُ
واحسرتاهُ فقدنا اليوم جوهرةً
كانت تُزان بها شبَّاننا النُجُبُ
حلو الشمائلَ ممدوح الخصال لهُ
خَلقٌ جميلٌ وخُلقٌ زانهُ الأَدَبُ
منزَّه النفس عن ريبٍ إذا لحقت
بأَنفُس الناس من أحوالها رِيَبُ
ليت المنايا سقتني قبل مصرعهِ
كأساً بها قد عراني دونهُ الطربُ
قد مرَّ من بعدهِ عيشي وطال بهِ
شجوي وطاب لنطقي الويل والحَرَبُ
فالدمع منسكبٌ والصدر ملتهبٌ
والقلب مضطربٌ والصبر منغلبُ
يا رحمة الله زوريهِ ميمّمةً
ترباً لهُ قد سبقت ارجآءَهُ السُحُبُ
وآنسي من ثراهُ مضجعاً بحمى
لبنانَ فيهِ حبيب القلب مغتربُ
مني عليهِ سلام الله ما غربت
شمسٌ وما طلعت في أفقها الشُهُبُ