وجيه البارودي

1906-1996 / حماة

المائدة - Poem

قالت غداؤك عندي قلت يا فرحي
هذا الغداء غذاء الروح و الجسد
بالأمس أشحذ منها نظرة فإذا
جادت حفظت لها العرفان للأبد
و اليوم كأس مدام في مباهجها
و العين بالعين لم تطرف و لم تحد
و جوّنا بمزايا عطرها عبق
فيا شذا وردنا إن غبت لا تعد
تنزلت من سماء الوحي مائدة
على وجيه فما عيسى بمنفرد
شغلت باللحظ عن أكل و عن كرم
فللصبابة معنى ليس في الدسم
جوعانة عين من يهوى فلا شبعت
من المحاسن عين العاشق النهم
فيا جوارح قلبي من مفاتنها
عبا و إن صام عن حلو الرضاب فمي
تلمظت هوج أشواقي إلى شفة
توحي إلى النفس معنى غير محتشم
فكيف أصبر عن إغرائها أدباً
لا عاش قلب لدى الإغراء كالصنم
راودتها عن دعابات و عن قبل
و رحت أغزل ألواناً من الغزل
مستمتعاً بانتصارات فإن حنقت
أوهمتها باشتطاط الشارب الثمل
أروي لها سير العشاق متخذا
من الرواية دور العاشق البطل
و تنبري هي في دور الفتاة فإن
أمرتها انسجمت في الدور تخضع لي
فإن دنت قبلة ألهبْتها قبلاً
و إن دنت جفوة عشنا على الأمل
حتى إذا دارت الأيام دورتها
إلى التلاقي تنادينا على عجل
و كان ما كان من عتب و من جدل
و من طرائف لولا الصبح لم تزل
مرت سراعاً و لم نشهد نهايتها
مات النهار و عمر الليل لم يطل
148 Total read