ممنوعةٌ أنتِ من الدخول، يا حبيبتي ، عَلَيَّهْ
ممنوعةٌ أن تلمسي الشراشفَ البيضاءَ، أو أصابعي الثلجيَّهْ
ممنوعةٌ أن تجلسي.. أو تهمسي.. أو تتركي يديكِ في يَديَّهْ
ممنوعةٌ أن تحملي من بيتنا في الشامْ
سرْباً من الحَمَامْ
أو فُلَّةً.. أو وردةً جُوريَّهْ
ممنوعةٌ أن تحملي لي دُمْيَةً أحضُنُها
أو تقرأي لي قصّةَ الأقزام، والأميرةِ الحسناء، والجنيَّهْ.
ففي جناح مرضى القلب يا حبيبتي
يصادرونَ الحبَّ، والأشواقَ ، والرسائلَ السريَّهْ
لا تَشْهَقي .. إذا قرأتِ الخَبَرَ المثيرَ في الجرائد اليوميَّهْ
قد يشعرُ الحصانُ بالإرهاق يا حبيبتي
حينَ يدقُّ الحافرَ الأوّلَ في دمشقْ
والحافرَ الآخرَ في المجموعة الشمسيَّهْ
تَمَاسَكي.. في هذه الساعات يا حبيبتي
فعندما يقرّرُ الشاعرُ أن يثقبَ بالحروفِ
جِلْدَ الكُرَة الأرضيَّهْ
وأن يكونَ قلبُهُ تُفّاحةً
يقضُمُهَا الأطفالُ في الأزِقّة الشعبيَّهْ
وعندما يحاول الشاعرُ أن يجعل من أشعارِهِ
أرغِفَةً.. يأكُلُها الجياعُ للخبز وللحُريَّهْ
فلن يكونَ الموتُ أمراً طارئاً
لأنَّ من يكتبُ يا حبيبتي
يحملُ في أوراقه ذبْحَتَهُ القلبيَّهْ
أرجوكِ أن تبتسمي.. أرجوكِ أن تبتسمي
يا نَخْلَةَ العراق، يا عصفورةَ الرصافة الليليَّهْ
فَذّبْحةُ الشاعر ليستْ أبداً قضيَّةً شخصيَّهْ
أليسَ يكفي أنني تركتُ للأطفال بعدي لغةً
وأنني تركتُ للعُشّاق أبجديَّهْ
أغطِيتي بيضاءْ
والوقتُ، والساعاتُ، والأيَّامُ كلُّهَا بيضاءْ
وأوجُهُ الممرضات حولي كُتُبٌ أوراقُهَا بيضاءْ
فهل من الممكن يا حبيبتي؟
أن تضعي شيئاً من الأحمر فوق الشفة الملساءْ
فمنذ شهرٍ وأنا.. أحلُمُ كالأطفال أن تزورَني
فَرَاشةٌ كبيرةٌ حمراءْ
أَطلب أقلاماً فلا يعطونني أقلامْ.
أطلبُ أيَّامي التي ليس لها أيَّامْ
أسألُهمْ برشامةً تُدخلني في عالم الأحلامْ
حتى حبوبُ النوم قد تعوَّدتْ مثلي على الصحو.. فلا تنامْ
إن جِئتني زائرةً
فحاولي أن تلبسي العقودَ، والخواتمَ الغريبةَ الأحجارْ
وحاولي أن تلبسي الغابات والأشجارْ
وحاولي أن تلبسي قبّعةً مفرحةً كمعرض الأزهارْ
فإنّني سئمتُ من دوائر الكِلْسِ.. ومن دوائر الحَوَّارْ
ما يفعلُ المشتاقُ يا حبيبتي في هذه الزنزانة الفرديَّه
وبيننا الأبوابُ ، والحُرَّاسُ، والأوامرُ العُرْفيَّهْ
وبيننا أكثرُ من عشرين ألفَ سنةٍ ضوئِيَّهْ
ما يفعلهُ المشتاقُ للحُبِّ، وللعزف على الأنامل العاجيَّهْ
والقلب لا يزالُ في الإقامة الجبريَّهْ
لا تَشْعُري بالذنْبِ يا صغيرتي.. لا تشْعُري بالذَنْبْ
فإنَّ كلَّ امرأةٍ أحببتُها
قد أورثَتْني ذبحةً في القلب
وصيَّةُ الطبيب لي
أن لا أقولَ الشعرَ عاماً كاملاً
ولا أرى عينيكِ عاماً كاملاً
ولا أرى تحوُّلاتِ البحر في العين البنفسجيَّه
الله.. كم تُضْحِكُني الوصيَّهْ