كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي
أقولُها لكِ
عندما تدقُّ الساعةُ منتصفَ الليلْ
وتغرقُ السنةُ الماضيةُ في مياه أحزاني
كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورقْ
أقولُها لكِ على طريقتي
متجاوزاً كلَّ الطقوس الاحتفاليَّهْ
التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة
وكاسراً كلَّ تقاليد الفرح الكاذب
التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة
ورافضا
كلَّ العبارات الكلاسيكية
التي يردّدها الرجالُ على مسامع النساءْ
منذ 1975 سنة
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي
أقولها لكِ بكل بساطه
كما يقرأ طفلٌ صلاتَهْ قبل النومْ
وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمحْ
فتزدادُ الأزاهيرُ المشغولةُ على ثوبك الأبيض
زهرةً
وتزداد المراكبُ المنتظرةُ في مياه عينيكِ
مركباً
أقولها لكِ بحرارةٍ ونَزَقْ
كما يضربُ الراقصُ الاسبانيُّ قَدَمَهُ بالأرضْ
فتتشكَّلْ ألوفُ الدوائرْ
حولَ محيط الكرة الأرضيَّهْ
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي
هذه هي الكلماتُ الأربعْ
التي سألفُّها بشريطٍ من القَصَبْ
وأرسلها إليكِ ليلةَ رأس السنَهْ
كلُّ البطاقات التي يبيعونها في المكتباتْ
لا تقولُ ما أريده
وكلُّ الرسوم التي عليها
من شموعٍ.. وأجراسٍ.. وأشجارٍ.. وكُراتِ
ثلجْ
وأطفالٍ.. وملائكهْ
لا تناسِبُني
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزه
ولا للقصائد الجاهزه
ولا للتمنيَّات التي برسم التصديرْ
فهي كلُّها مطبوعة في باريس، أو لندن
أو أمستردام
ومكتوبةٌ بالفرنسية، أو الانكليزية
لتصلحَ لكلِّ المناسبات
وأنتِ لستِ امرأةَ المناسباتْ
بل أنتِ المرأةُ التي أُحبّها
أنتِ هذا الوجعُ اليوميُّ
الذي لا يُقالُ ببطاقات المُعايَدَهْ
ولا يُقالُ بالحُروفِ اللاتينيَّهْ
ولا يُقالُ بالمُراسلهْ
وإنما يُقالُ عندما تدقّ الساعةُ منتصفَ الليلْ
وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئه
وتستحمّين هناكْ
ويسافرُ فمي في غاباتِ شَعْركِ الغَجَريّْ
ويَستوطنُ هناكْ
لأننّي أحبّكِ
تدخُلُ السنةُ الجديدةُ علينا
دخولَ الملوكْ
ولأنني أحبكِ
أحملُ تصريحاً خاصاً من الله
بالتجوُّل بين ملايين النجومْ
لن نشتري هذا العيد شَجَرَهْ
ستكونينَ أنتِ الشَجَرَه
وسأُعلِّقُ عليكِ
أمنياتي.. وصَلَواتي
وقناديل دموعي
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي
أمنيةٌ أخافُ أن أتمناها
حتى لا أُتَّهَمَ بالطمع أو بالغرورْ
فكرةٌ أخافُ أن أُفكِّر بها
حتى لا يسرقها الناسُ منّي
ويزعموا أنهمْ أولُ من اخترعَ الشِعْرْ
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبكِ
أنا أعرف أنني أتمنى أكثرَ مما ينبغي
وأحلمُ أكثرَ من الحدِّ المسموح به
ولكن
من له الحقُّ أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراءْ؟
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرشْ
لِمُدّةِ خمسِ دقائقْ
من يحاسب الصحراء إذا توحَّمتْ على جدول ماءْ؟
هناكَ ثلاثُ حالاتٍ يصبحُ فيها الحُلُمُ شرعياً
حالةُ الجنونْ
وحالةُ الشعرْ
وحالةُ التعرفِ على امرأة مدهشةٍ مثلكِ
وأنا أعاني - لحسن الحظّ
من الحالات الثلاثْ
اتركي عشيرتكِ
واتبعيني إلى مغائري الداخليَّه
اتركي قُبّعَةَ الورقْ
وموسيقى الجيركْ
والملابسَ التنكريَّهْ
واجلسي معي تحت شَجَر البرقْ
وعباءةِ الشِعْر الزرقاءْ
سأغطّيكِ بمعطفي من مَطَر بيروت
وسأسقيكِ نبيذاً أحمر
من أقبية الرهبانْ
وسأصنعُ لكِ طبقاً إسبانياً
من قواقع البحرْ
إتبعيني - يا سيدتي- إلى شوارع الحلم الخلفيَّهْ
فلسوفَ أُطلعكِ على قصائدَ لم أقرأها لأحَدْ
وأفتحُ لكِ حقائبَ دموعي
التي لم أفتحها لأحَدْ
ولسوف أُحبَّكِ
كما لا أَحبّكِ أحدْ
عندما تدقُّ الساعةُ الثانيةَ عشرهْ
وتفقد الكرةُ الأرضيةُ توازنها
ويبدأ الراقصون يفكِّرون بأقدامهمْ
سأنسحبُ إلى داخل نفسي
وأسحبكِ معي
فأنتِ امرأةٌ لا ترتبط بالفَرَح العامْ
ولا بالزمنِ العامْ
ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمرُّ أمامنا
ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا
ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل
سوى رجالٍ من ورق
ونساءٍ من ورقْ
آهِ.. يا سيدتي
لو كان الأمر بيدي
إذنْ لصنعتُ سنةً لكِ وحدَكِ
تُفصّلين أيّامها كما تريدينْ
وتسندينَ ظهركِ على أسابيعها كما تريدينْ
وتتشمَّسينْ
وتستحمينْ
وتركضينَ على رمال شهورها
كما تريدينْ
آهِ.. يا سيدتي
لو كان الأمرُ بيدي
لأقمتُ عاصمةً لكِ في ضاحية الوقتْ
لا تأخذ بنظام الساعات الشمسيّة والرمليَّهْ
ولا يبدأ فيها الزمنُ الحقيقيّْ
إلاّ
عندما تأخذُ يدُكِ الصغيرةُ قيلولتها
داخلَ يدي
كلَّ عامٍ وعيناكِ أيقونتانِ بيزنطيّتانْ
ونهداكِ طفلانِ أشقرانْ
يتدحرجانِ على الثلجْ
كلَّ عامٍ.. وأنا متورّطٌ بكِ
ومُلاحقٌ بتهمةِ حبّكِ
كما السماءُ مُتَّهمةٌ بالزُرْقَهْ
والعصافيرُ مُتَّهمةٌ بالسفرْ
والشَفَةُ متَّهَمةٌ بالإستدارهْ
كلَّ عامٍ وأنا مضروبٌ بزلازلكْ
ومبللٌ بأمطاركْ
ومحفورٌ - كالإناء الصينيّ - بتضاريس جسمكْْ
كلَّ عامٍ وأنتِ.. لا أدري ماذا أُسمّيكِ
إختاري أنتِ أسماءكِ
كما تختارُ النقطةُ مكانها على السطرْ
وكما يختارُ المشطُ مكانه في طيَّات الشَّعرْ
وإلى أن تختاري إسمك الجديدْ
إسمحي لي أن أناديكِ
'يا حبيبتي'