نزار قباني

1923-1998

في الشعر - Poem

إنَّهُ يثقُبُ الفضاءْ
بإبْرةِ الشِّعر
البَرقُ منزِلُهْ
هُوَ شَاعِرْ
كُلَّمَا خَرَجَ من فُنْدُق كَلِماتِهْ
ينزلُ من بطن أمِّهْ
وفي يده
عريضةُ احتجاجْ
يُحْرِقُ كلَّ يومٍ ذاكرتَهْ
ويتدفَّأُ عليها
هو شاعرْ
يركبُ درّاجةَ الطُفُولَةْ
لكُلِّ إشارات المُرُورْ
هُوَ شاعرْ
إنَّهُ يُقنعُ الأشياءْ
أن تغيِّرَ عاداتِها
هُوَ شاعرْ
أن تسيرَ في مُظاهرةٍ
من أجل الحُريَّةْ
هُوَ شَاعِرْ
أطلقوا عليه القنابلَ
هو شَاعِرْ
تزوَّج الحُريَّة زَوَاجاً مدنيَّاً
شَعْرُهُمْ بلوم السنابلْ
هُوَ شاعرْ
يُعلِّمُ أشجارَ الغابةْ
هُوَ شاعِرْ
أن تسيرَ في مُظاهرةٍ
لذا، يطلبونَ منه، أن يقدِّم تقريراً
من أجل الحُريَّةْ
عن عدد أصابعهْ
كلَّ يومْ
هل الشِّعرُ
هُوَ ديوانُ العَرَبْ
هُوَ شَاعِرْ
أم هو محكمتُهُمْ العسكريَّةْ؟؟
كُلَّما ظَهَرَ في أمسيةٍ شعريةْ
أطلقوا عليه القنابلَ
باستثناءِ بعضِ الكبارْ
المُسيلَةَ للأحزانْ
في تاريخنا الشعريْ
فإنَّ الشعراءَ العَرَبْ
كَتَبوا قصيدةً واحدة
ووقَّعوا عليها جميعاً
هو شَاعِرْ
تزوَّج الحُريَّة زَوَاجاً مدنيَّاً
بالأحرفِ الأولى
وأَنَجَبَ أولاداً
شَعْرُهُمْ بلوم السنابلْ
في تاريخ الشِّعر العربيْ
ثمَّةَ مراحِلُ هابطةْ
وعُيُونُهُمْ بلون البحرْ
كان فيها الشعراءْ
ينزلون في فُنْدُقٍ واحدْ
ويأكلونَ من صحنٍ واحدْ
وينامونَ في سريرٍ واحدْ
ويُنجبونَ أولاداً متشابهينْ
في الشِّعْر
لسنا بحاجةٍ إلى لباسٍ موحَّدْ
وقماشٍ موحَّدْ
ولونٍ موحَّدْ
فالشعراء ليسوا جنوداً.. ولا ممرضاتْ
ولا مُضيفات طيرانْ
إنَّ اللباسَ المُوحَّدَ في الشعر
سيجعلُ من الشعراء العَرَبْ
فريقاً لكرة القدمْ
الشاعرُ الحديثْ
هو الذي يستقيلُ من الجَوقة الموسيقيةْ
وسُلطةِ الإيقاع العامْ
ليؤلِّفَ قصيدتهُ الخاصةْ
177 Total read