مواقفي منكِ، كمواقف البحرْ
وذاكرتي مائيّةٌ كذاكرتهْ
لا هو يعرف أسماءَ مرافئه
ولا أنا أتذكرُ أسماءَ زائراتي
كلُّ سمكةِ تدخل إلى مياهي الإقليمية، تذوبْ
كلُّ امرأةٍ تستحمُّ بدمي، تذوبْ
كل نهدٍ، يسقط كالليرة الذهبيّه
على رمال جسدي.. يذوبْ
فلتكُنْ لكِ حكمةُ السُفُن الفينيقيّهْ
وواقعيَّةُ المرافئ التي لا تتزوّج أحدا
كلَّما شمَّ البحرُ رائحةَ جسمكِ الحليبيّْ
صَهَلَ كحصانٍ أزرقْ
وشاركتُهُ الصهيلْ
هكذا خلقني الله
رَجُلاً على صورة بحرْ
بحراً على صورة رجُلْ
فلا تناقشيني بمنطق زارعي العِنَب والحِنطَه
ودكاترة الطبّ النفسيّْ
بل ناقشيني بمنطق البحرْ
حيث الأزرقُ يُلغي الأزرقْ
والأشرعةُ تُلغي الأُفُقْ
والقبْلَةُ تُلغي الشَفَه
والقصيدةُ تُلغي ورقةَ الكتابَهْ
إحساسي بكِ متناقضٌ، كإحساس البحرْ
ففي النهار، أغمركِ بمياه حناني
وأُغطِّيكِ بالغيم الأبيض، وأجنحة الحمائمْ
وفي الليل
أجتاحكِ كقبيلةٍ من البرابرهْ
لا أستطيع، أيتها المرأة ، أن أكونَ بحراً محايداً
ولا تستطيعين أن تكوني سفينةً من ورقْ
لا أنتِ انديرا غاندي
ولا أنا مقتنعٌ بجدوى الحياد الإيجابي
ففي الحبّ.. لا تُوجد مصالحاتٌ نهائيّهْ
بين الطوفان، وبين المدن المفتوحَهْ
بين الصواعق، ورؤوس الشَجَرْ
بين الطعنة، وبين الجرحْ
بين أصابعي، وبين شَعْرِكْ
بين قصائد الحبّ.. وسيوفِ قُرَيشْ
بين ليبراليّة نهديكِ
وتحالفِ أحزاب اليمينْ
أيتُّها الخارجةُ من خرائط العَطَش والغبارْ
تخلّصي من عاداتكِ البَرِيَّهْ
فالعواصفُ الَبرِيَّة تعبّر عن نفسها
بإيقاع واحدٍ.. ووتيرةٍ واحدة
أما الحبُّ في البحر.. فمختلفٌ.. مختلفٌ
مختلفْ
فهو غيرُ خاضع لجاذبيّة الأرض
وغيرُ ملتزم بالفصول الزراعيّه
وغيرُ ملتزم بقواعد الحبِّ العربيّْ
حيثُ أجسادُ الرجال تنفجر من التُخْمَهْ
ونهودُ النساء تتثاءبُ من البطالهْ
أدخلي بحري كسيفٍ من النحاس المصقولْ
ولا تقرأي نَشَرات الطقسْ
ونُبوءات مصلحة الأرصاد الجويَّهْ
فهي لا تعرفُ شيئاً عن مزاج سَمَك القِرْشْ
ولا تعرفُ شيئاً عن مزاجي
لا أريدُ أن أعطيكِ ضماناتٍ كاذبَهْ
ولا أرغب أن أشتغلَ حارساً لجواهر التاجْ
إنَّ نهديكِ لا يدخلان في حدود مسؤولياتي
فأنا لا أستطيع أن أضمنَ مستقبلهما
كما لا يستطيعُ البَرْقُ أن يضمنَ مستقبلً غابَهْ
لماذا تبحثينَ عن الثبات؟
حين يكونُ بوسعنا أن نحتفظَ بعلاقاتنا البحريَّهْ
تلكَ التي تتراوحُ بين المدّ .. والجَزْرْ
بين التراجع والاقتحامْ
بين الحنان الشامل، والدمار الشاملْ
لماذا تبحثين عن الثباتْ؟
فالسمكةُ أرقى من الشجرَهْ
والسنجابُ .. أهمُّ من الغصنْ
والسحابة.. أهمّ من نيويوركْ
أريدكِ أن تتكلّمي لغةَ البحرْ
أريدكِ أن تلعبي معهْ
وتتقلَّبي على الرمل معهْ
وتمارسي الحبَّ معهْ
فالبحرُ هو سيِّد التعدُّد.. والإخصاب.. والتحوّلاتْ
وأنوثتُكِ هي امتدادٌ طبيعي له
نامي مع البحر، يا سيدتي
فليس من مصلحتكِ أن تكوني من فصيلة الشجرْ
ولا من مصلحتي أن أُحوّلكِ إلى جريدةٍ مقروءهْ
أو إلى ربطة عُنُقٍ معلَّقةٍ في خزانتي
منذُ أن كنتُ طالباً في الجامعهْ
ليس من مصلحتكِ أن تتزوجيني
ولا من مصلحتي أن أكون حاجباً على باب المحكمة
الشرعيَّهْ
أتقاضى الرَشَواتِ من الداخلينْ
وأتقاضى اللَعَناتِ من الخارجينْ
أنا بحرُكِ يا سيّدتي
فلا تسأليني عن تفاصيل الرحلة
ووقتِ الإقلاع والوصولْ
كلُّ ما هو مطلوبٌ منكِ
أن تنسيْ غرائزكِ البَرِيَّهْ
وتُطيعي قوانينَ البحرْ
وتخترقيني.. كسمكةٍ مجنونهْ
تشطُرُ السفينةَ إلى نصفينْ
والأُفُقَ إلى نصفينْ
وحياتي إلى نصفين