جُعْتُ .. وجَاعَ المُنْحَدَرْ
ولا أزالُ أنتظِرْ
أنا هُنا وحدي .. على
شرقٍ رماديِّ السُتُرْ
مُسْتلقياً على الذُرى
تلهثُ في رأسي الفِكَرْ
وأرقُبُ النوافذَ الزُرْقَ
على شوقٍ كَفَرْ
أقولُ : ما أعاقَها
فستانُها .. أم الزَهَرْ ؟
أم وردةٌ تَعلَّقتْ
بِذَيْلِ ثوبِها العَطِرْ؟
أم الفراشاتُ .. ترامتْ
تحت رجليْها .. زُمَرْ ؟
وأقْبَلَتْ .. مَسْحُوبةً
يخضرُّ تحتها الحَجَرْ
ملتفَّةً بشالها
لا يرتوي منها النَظَرْ
أَصْبَى من الضوء
وأصفى من دُمَيْعاتِ المطَرْ
تُخْفي نُهَيْداً .. نِصْفُهُ
دارَ .. ونِصْفٌ لم يَدُرْ
قالتْ : صباحَ الوردِ
هذا أنتَ ، صاحبَ الصِغَرْ؟
ألا تزالُ مثلما
كنتَ .. غلاماً ذا خَطَرْ ؟
تجعلني .. على الثرى
لُعْباً .. وتَقْطيعَ شَعَرْ
فإنْ نهضْنَا .. كانَ في
وُجُوهنا ألفُ أثَرْ
زمانَ طَرَّزْنَا الرُبى
لَثْماً .. وألعاباً أُخَرْ
مُخَوِّضَيْنِ في الندى
مُغَلْغِلَيْنِ في الشجَرْ
أيَّ صبيٍّ كنتَ .. يا
أَحَبَّ طفلٍ في العُمُرْ ؟
قلتُ لها : اللهَ
ما أكْرَمَها تلك الذِكَرْ
أيَّامَ كنَّا .. كالعصافير
غناءً .. وسَمَرْ
نسابقُ الفراشةَ البيضاءَ
ثمَّ ننتصِرْ
وندفَعُ القواربَ الزرقاءَ
في عَرْضِ النَهَرْ
وأخطُفُ القُبْلَةَ من
ثغرٍ .. بريءٍ .. مُخْتَصَرْ
ونكسِرُ النُجُومَ .. ذَرَّاتٍ
ونُحصي ما انكسَرْ
فيستحيلُ حولَنا
الغروبُ .. شَلالَ صُوَرْ
حكايةٌ نحنُ .. فعندَ
كلِّ وردةٍ خَبَرْ
إنْ مرةً .. سُئِلتِ قُولي
نحنُ دَوَّرنَا القَمَرْ