في مركزٍ للأمن في إحدى البلاد الناميَه
وقفتُ عند نقطة التفتيشِ
ما كان معي شيءٌ سوى أحزانيَهْ
كانت بلادي بعد ميلٍ واحدٍ
وكان قلبي في ضلوعي راقصاً
كأنه حَمَامةٌ مشتاقةٌ للساقيَهْ
يحلُمُ بالأرض التي لعبتُ في حقولها
وأطْعَمَتْني قَمحَها، ولوزَها، وتينَها
وأرْضَعَتْني العافيَهْ
وَقَفتُ في الطابورِ
كانَ الناسُ يأكلونَ اللُّبَّ.. والتُرْمُسَ
كانوا يطرحونَ البولَ مثل الماشيَهْ
من عهد فِرْعَونٍ.. إلى أيّامنا
هناكَ دوماً حاكمٌ بأمرِه
وأمّةٌ تبولُ فوق نَفْسِها كالماشيَهْ
2
وليس في الكونغُو.. ولا تانْزَانيا
الشمسُ كانت تلبسُ الكاكيَّ
والأشجارُ كانت تلبسُ الكاكيَّ
والوردةُ كانت تلبسُ الملابسَ المرقَّطَهْ
كان هناك الخوفُ من أمامِنا
والخوفُ من ورائِنا
وضابطٌ مُدجَّجٌ بخمسِ نَجْماتٍ.. وبالكَراهيَهْ
يجرُّنا من خلفه كأننا غَنَمْ
مِنْ يومِ قابيلَ إلى أيّامنا
كان هنَاكَ قاتلٌ محترفٌ
وأمَّةٌ تُسْلخُ مثل الماشيَهْ
3
في مركز العذاب، حيثُ الشمسُ لا تَدُورْ
وحيثُ لا يبقى من الإنسان غيرُ الليفِ والقُشُورْ
يمتدُّ خطٌّ أحمرٌ
ما بينَ برلينْينِ، بيروتيْنِ، صَنْعَائيْنِ
مَكَّتيْنِ، مُصْحَفَيْنِ، قِبْلَتَيْنِ
مَذْهَبَيْنِ
لَهْجَتَيْنِ
ح َارَتَيْنِ
شَارتيْ مرورْ
الرُعْبُ كان سيّدَ الفُصُولْ
والأرضُ كانتْ تَشْحَذُ الأمطارَ من أيلولْ
ونحنُ كنّا نَشْحَذُ الأمْرَ الهَمَايُونيَّ بالدخولْ
واعجبي
أَكُلَّما استقلَّ شعبٌ من شعوب آسيا
يَسُوقُهُ أبطالُهُ للذَبْحِ مثلَ الماشيَهْ؟؟
4
أين أنا؟
كلُّ العلامات تقولُ
كلُّ الإهانات التي نَسْمعُها
(بضاعةٌ قديمةٌ تُنْتِجُها (أعْرابيَا
كلُّ الدروبِ، كلُّها
تُفضي لسيف الطاغيهْ
أينَ أنا؟
ما بينَ كُلِّ شارعٍ وشارعٍ
قامتْ بَلَدْ
ما بين كلّ حائطٍ وحائطٍ
قامتْ بَلَدْ
ما بين كلّ نَخْلَةٍ وظلَّها
قامت بَلَدْ
ما بين كُلِّ امرأةٍ وطفلِها
قامتْ بَلَدْ
يا خالقي: يا راسمَ الأُفقِ ، ويا مُهَنْدسَ السماءْ
هل ذلكَ الثُقْبُ الذي ليس يُرى
هو البَلَدْ؟؟؟
5
في مركز الجُنُونِ ، والصُداعِ، والسُعَالِ، والبَلْهَارْسيَا
وقفتُ شهراً كاملاً
وقفتُ عاماً كاملاً
أمامَ أبواب زعيم المَافيا
أشْحَذُ منه الإِذْنَ بالمرورْ
أشحذُ منه مَنْزِلَ الطُفُولَهْ
والوردَ، والزنبقَ، والأَضَاليا
أشْحَذُ منهُ غرفتي
والحبرَ، والأقلامَ ، والطبْشُورْ
قلتُ لنفسي وأنا
أواجهُ البنادقَ الروسيّة المُخرْطَشَهْ
واعَجَبي .. واعَجَبي
هل أصبحَ الله زعيمَ المافيا؟؟
6
في مركزٍ للخوفِ لا اسمَ لهُ
لكنَّهُ
يَنْبُتُ مثلَ الفِطْرِ في كلِّ زوايا الباديَهْ
وقفتُ عمراً كاملاً
ووافقوا على دُخُولي وَطَني
عرفتُ أن الوطَنَ الغالي الذي عَشِقْتُهُ
ما عادَ في الجُغْرافيا
ما عادَ في الجُغْرَافيا
ما عاد في الجُغْرَافيا
وعندما أصبحتُ شيخاً طاعناً
ووافقوا على دُخُولي وَطَني
عرفتُ أن الوطَنَ الغالي الذي عَشِقْتُهُ
ما عادَ في الجُغْرافيا
ما عادَ في الجُغْرَافيا
ما عاد في الجُغْرَافيا