نازك الملائكة

1923-2007 / بغداد

سخرية الرماد - Poem by

لو رجعنا غدا وأراد الزمان
أن يرانا كما كنّا
والتقينا فهل ينبض الميّتان
خلف ألواح صدرينا
لو رجعنا غدا ورآنا القمر
بعد غيبتنا الكبرى
ورأى كيف نمنح ما قد غبر
ومضى فرصة أخرى
لو رجعنا غدا ورأتنا النجوم
نجمع الذكر الذابله
نستعيد الهوى ونظلّ نحوم
حول أحلامنا الراحله
لو رآنا الطريق نشقّ السكون
بتعابيرنا الجامده
ويخادعنا ما طوته المنون
من رغائبنا الخامده
ونزيل رماد شهور طوال
عن هوى لفّه المستحيل
فوق أشلائه ذكريات ثقال
من دموعي وحزني الطويل
سترانا النجوم نسير معا
يخدع الليل مرآنا
خلف أهدابنا شغف مدّعى
ساتر سرّ ما كانا
وسيسخر من شبحينا القمر
وهو يرقب كيف نسير
كيف ننشر ما قد طواه القدر
واحتواه سكون المصير
وهناك نرى جثث الأشواق
في خمود طويل عميق
ويخادعنا لونها البرّاق
فتؤمّل أن تستفيق
ونرى ركب أيّامنا الماضيه
لم يزل لاهث الأنفاس
فنمدّ له الأذرع الذاويه
علّه يوقظ الإحساس
ويرانا الدّجى راكعين على
تربة المرقد الجافيه
نلمس الجثث المرسلات إلى
الأفق أعينها الخابيه
ويرانا الدّجى فجأة في عياء
في أسى غامق شارد
واقفين نحسّ اصطدام الرجاء
بثرى الواقع البارد
ويمرّ على جبهتينا المساء
باردا مثل لوح جليد
وتعود كواكبه البيضاء
أعينا طفحت بالوعيد
ويشيّعنا القمر الهادىء
ببرود مثير غريب
ويلاحقنا وجهه الهازىء
حيث سرنا بصمت مريب
ونحسّ أخيرا بأنّ القضاء
قد طوى حبّنا الآفلا
وبقينا حيارى هنا غرباء
نذرع العمر القاحلا
وهنالك سوف يغنّي الرّماد
وسيسخر حتى القمر
من أسانا ومن أمل لا يعاد
كان يوما لنا واندثر
120 Total read