في دجى الليل العميق
راسه النشوان ألقوه هشيما
وأراقوا دمه الصافي الكريما
فوق أحجار الطريق
وعقابيل الجريمة
حمّلوا أعباءها ظهر القدر
ثم ألقوه طعاما للحّفر
ومتاعا وغنيمة
وصباحا دفنوه
وأهالوا حقدهم فوق ثراه
عارهم ظنّوه لن يبقى شذاه
ثم ساروا ونسوه
والليالي في سراها
شهدت ما كان من جهد ثقيل
كلّما غطّوا على ذكرى القتيل
يتحدّاهم شذاها
حسبوا الإعصار يلوى
إن تحاموه بستر أو جدار
ورأوا أن يطفئوا ضوء النهار
غير أنّ المجد أقوى
ومن القبر المعطّر
لم يزل منبعثا صوت الشهيد
طيفه أثبت من جيش عنيد
جاثم لا يتقهقر
وسيبقى في ارتعاش
في أغانينا وفي صبر النخيل
في خطى أغنامنا في كلّ ميل
من أراضينا العطاش
فليجنّوا إن أرادوا
دونهم..وليقتلوه ألف قتله
فغدا تبعثه أمواج دجله
وقرانا والحصاد
يا لحمقى أغبياء
منحوه حين أردوه شهيدا
ألف عمر , وشبابا , وخلودا
وجمالا , ونقاء
إنّه عاد نبيّا
وهو قد أصبح نارا تتحرّق
في أمانينا وثأرا يتشوّق
وغدا يبعث حيا