بابُ النَّبيِّ، وبابُه لا يُقْفَل
أبدًا، هو الملكُ المعظَّم فيصل
إنا لنُحْرِمُ في حماه، وإنهُ
بدمائِنا ومَتَاعِنَا يتكفَّل
شهدَ الحَجيِجُ بأنَّ دولةَ فيصلٍ
تَرْعَى الحجيجَ بأعينٍ لا تَغْفَل
في ظلِّه لبَّى الجميعُ، وكبَّروا
وشَدَوْا بآياتِ الدعاء، ورتَّلوا
تدري العروبةُ أن سُدَّةَ فيصلٍ
دِرْعٌ لها عند الخطوب، ومَعْقِل
عرشٌ يَمُدُّ على العروبة ظلَّه
وعليه أجنحةُ السماء تُظَلِّل
المؤمنون بكل أرض إخوةٌ
وبنصرهم نَطقَ الكتابُ المنْزَل
إن كان حاضرُهم تجهَّم حقْبَةً
فلهم بفضل الوحدةِ المُسْتقبَل
سيَسودُ آخرُنا بفضلِ وقوفِنا
صفًّا، كما سار الرَّعِيلُ الأَوَّل
ويقينُنَا في الله خيرُ عَتَادِنا
وعليه في قهر العِدَا نتَوَكَّل
وسلاحُنا الماضي وسيلةُ نصرِنا
لَسْنا بغيرِ سلاحنا نَتَوَسَّلُ
لا تَبْسُطوا للغَرْب، يا قومي، يَدًا
للغَرْب طرفٌ في السياسة أحْوَل
لا تستمدوا النصرَ من قبر، ولو
أنَّ الدَّفينَ به نبيٌّ مُرسَل
ما قال ربك: بالقبور تَمَسَّحُوا
بل قال -جلَّ جلالهُ وقل اعملوا
إني أقبل رأسَ كلِّ مجاهد
إن قبَّلَ الصخرَ الأصَمَّ مُقَبِّل
إنا لنُشْهد أهلَ بَدْرٍ أننا
في النصر أو نيل الشهادة نَأمُل
ويقول قائِلُنا لدى استشهادهِ
يا ليتني في كلِّ يوم أُقْتَل
جَسَدُ الشهيدِ إلى جوارِ اللهِ في
عَدْن، على أيدي الملائك يُحمَل
رجلُ العروبةِ من قديم في الوغى
أسَدٌ، وأنثاها لبَاةٌ مُشْبِل
أسلافُنا في كل مَلْحَمَةٍ لهم
تاريخُ مجد بالدماء مُسَجَّل
لسْنَا بأمجادِ الأوائل نَكتفي
لكنْ كما فعل الأوائلُ نفعل
عن ثالث الحَرَمين ندفعُ عُصْبة
دخلَتْهُ كالمكروبِ إذْ يتسلَّل
وعروقُنَا تَغْلي بهنَّ دماؤنا
فكأَنما في كلِّ عرق مِرْجَل
هُمْ أشعلوا في المسجد الأقصَى اللَّظَى
فَلْيَحْتَرِقْ بشُوَاظِها مَنْ أشعلوا
شعبٌ تحامتْهُ الشعوبُ، يكاد إن
حملتْه أرضٌ تحتهُ تتزلزل
مُتَفوِّقٌ في المُحْزِيَات، معوِّق
رَكْبَ الحضارة، للفساد مُسَبِّل
حَصَّادُ مالِ العالمين بكلِّ ما
يُنْدى الجبينَ، كأنما هو مِنْجَل
سلْ أرض يَثْرِبَ عن يهودِ قريظة
وبني النضير، يُجِبْك كيف استُؤْصِلوا
عرف اليهودَ محمدٌ؛ فأبادهم
ما ضَرَّ لو بمحمَّد نتمثلَّ؟
ولسوف نُسْألُ عن تراثِ مُحمدٍ
ماذا يكون جَوابُنَا إِذْ نُسْأَل؟
يا مَنْ ببيت الله طافوا سبعة
وتنسَّكوا فيه، وفيه تبتَّلوا
أعلمتموا -وقد استُبيحتْ أرضُكم-
أن الجهادَ من التَهَجُّد أفضل؟
قولوا لقومي: إنَّ ذؤبانَ الفلا
عبثت بهم فَعلامَ قومِيَ عجّلوا؟
اليوم قد دخل العدوُّ بلادَنا
وغدًا علينا في المخادِع يدخل
إني لأطلقُها بمكة صَرْخَةً
مشبوبةً، في المشرقين تُجَلْجلُ
حمْلُ السلاح اليوم صارَ فريضةً
والزحفُ للدين الحنيفِ مُكمِّل
من راح يبذلُ نفسَه أو مالَه
فلدينه ولعرضه ما يَبْذُل
لا كان منا مَن على أوطانه
بأعزِّ ما ملَكَتْ يداه يبخَل
لا كان منا حين يُنْتَهكُ الحِمَى
مَنْ يكتفي بدموعه ويُحَوْقِل
لا كان منا مُحْرِمٌ لا يرتدي
بملابس الميدان إذ يتحلَّل
لا كان منا مَنْ بأمٍّ أو أبٍ
أو طفلةٍ في مهدها يتعلَّل
لا كان من أبناء يعرُبَ من يَني
ويقول إنِّي عاجزٌ أو أعْزَل
مَنْ لا يُغِيرُ بمدْفع، وذخيرةٍ
تكفيه فأسٌ إذْ يُغيرُ ومِعْوَل
لا يعرف العربيُّ معنى اليأس في
خطب ولا هو في الشدائد يُعْول
إن كان يَجْمُلُ في الحروب صمودُه
فصمودُه بعد الهزيمة أجْمَل
إن مرَّ بالعربيِّ يومٌ عابِسٌ
فأمامَه: يومٌ، أغرُّ، محجَّل