أشيــــع أصحابــي
أُشَيِّعُ مَن حانتْ مَنِيَّتُه قبلي
وفاءً لهُ، لا للأقارب والأهْل
يقولون: مَنْ هذا؟ وأعرف فضل مَنْ
بأَعواده سارُوا، ويعرفُ لي فضلي
وكم من عزيز ما استطعت وداعه
أَحَاوِلُ أن أسعى؛ فتخذلني رِجْلي
يشيِّعُه: قلبي، ولبى، وخاطري
إلى القبر إن لم تَقْوَ ساقي على حَمْلي
ويا رب مُلْتَاع على المَيْت ما سَعَى
إليه، وساعٍ لم يَدُّقْ لوْعَة الثُّكل
وما أبتغي -إن حان حَيْنيَ- زَفَّةً
بِحَسْبِي من الساعين مَنْ كُلِّفوا نقلي
لقد عشت لا أُعْنَى بطبل يُدَقُّ لي
فما حاجني بعد الممات إلى طبْل؟
إذا كنتُ مقبولا، فما بِيَ حاجة
إلى كثرة الأفْواج أو زَحْمَة الحَفْل
وإن كانت الأُخرى، فليس بِنَافِعي
وفودٌ من الساعين في عَدَدِ الرمل
وأَعْلَمُ أن الله ليس بِخَاذلي
فلِلَّه فضلٌ لا يحيط بهِ عَقْلي
جِبَالُ ذنوبي -حين أَذْكُر عفوَه
ورحمتَه الكبرى- أدَقُّ من النَّمْل
ألا ليت شعْري: هل تُلاحقُني غدا
متاعبُ ألقاها على كَتِفي نَسلي؟
سَيعْلَمُ أهلي -بعد فَقْدي- مكانتي
فتبكي دَما عِرْسي، ويبكي دَمًا نَجْلي
إذا ولدي ناءُوا بأَعْباءَ نسْلِهِمْ
دَرَى ولدي كم حَمَّلونيَ من ثقلي
وأُقْسِمُ لم أرهقْ أبي في حياته
ولا سَهِرَت أُمِّي اللياليَ من أجلي