محمود درويش

1941-2008 / الجليل / فلسطين

ريتا أحبيني - Poem by

في كلّ أمسية، نخّبيء في أثينا
قمرا و أغنية. و نؤوي ياسينا
قالت لنا الشرفات
لا منديله يأتي
و لا أشواقه تأتي
و لا الطرقات تحترف الحنينا
نامي! هنا البوليس منتشر
هنا البوليس، كالزيتون، منتشر
طليقا في أثينا
في الحلم، ينضم الخيال إليم
تبتعدين عني
و تخاصمين الأرض
تشتعلين كالشفق المغنّي
ويداي في الأغلال
'سنتوري' بعيد مثل جسمك
في مواويل المغنّ
ريتا.. أحبّيني و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين
الحبّ ممنوع
هنا الشرطيّ و القدر العتيق
تتكسر الأصنام إن أعلنت حبك
للعيون السود
قطاع الطريق
يتربصون بكل عاشقة
أثينا.. يا أثينا.. أين مولاتي؟
_على السكّين ترقص
جسمها أرض قديمة
و لحزنها وجهان
وجه يابس يرتدّ للماضي
ووجه غاص في ليل الجريمة
و الحب ممنوع
هنا الشرطيّ، و اليونان عاشقة يتيمة
في الحلم، ينضمّ الخيال إليك
يرتدّ المغني
عن كل نافذة، و يرتفع الأصيل
عن جسمك المحروق بالأغلال
و الشهوات و الزمن البخيل
نامي على حلمي. مذاقك لاذع
عيناك ضائعتان في صمتي
و جسمك حافل بالصيف و الموت الجميل
في آخر الدنيا أضمّك
حين تبتعدين ملء المستحيل
ريتا.. أحبّيني! و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين
منفاي: فلاّحون معتقلون في لغة الكآبة
منفاي: سجّانون منفيون في صوتي
و في نغم الربابة
منفاي: أعياد محنّطة.. و شمس في الكتابة
منفاي: عاشقة تعلق ثوب عاشقها
على ذيل السحابة
منفاي: كل خرائط الدنيا
و خاتمة الكآبه
في الحلم، شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
لا لون للموتى، و لكني أراهم
مثل أشجار الحديقة
يتنازعون عليك
ضميهم بأذرعة الأساطير التي وضعت حقيقة
لأبرّر المنفى، و أسند جبهتي
و أتابع البحث الطويل
عن سرّ أجدادي، و أول جثة
كسرت حدود المستحيل
في الحلم شفّاف ذراعك
تحته شمس عتيقة
و نسيت نفسي في خطى الإيقاع
ثلثي قابع في السجن
و الثلثان في عشب الحديقة
ريتا.. أحبّيني! و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أشواق السجين
الحزن صار هوية اليونان
و اليونان تبحث عن طفولتها
و لا تجد الطفولة
تنهار أعمدة الهياكل
أجمل الفرسان ينتحرون
و العشّاق يفترقون
في أوج الأنوثة و الرجوله
دعني و حزني أيّها الشرطيّ
منتصف الطريق محطّتي
و حبيبتي أحلى قتيلة
ماذا تقول؟
تريد جثذتها؟
لماذا؟
كي تقدمها لمائدة الخليفة؟
من قال إنك سيدي ؟
من قال إن الحبّ ممنوع ؟
و إن الآلهه
في البرلمان ؟
و إن رقصتنا العنيفة
خطر على ساعات راحتك القلية؟
الحزن صار هوية اليونان
و اليونان تبحث عن طفولتها
و لا تجد الطفولة
حتى الكآبه صادرتها شرطة اليونان
حتى دمعة العين الكحيلة
في الحلم، تتّسع العيون السود
ترتجف السلاسل
يستقبل الليل
تنطلق القصيدة
بخيالها الأرضيّ
يدفعها الخيال إلى الأمام.. إلى الأمام
بعنف أجنحة العقيدة
و أراك تبتعدين عني
آه.. تقتربين مني
نحو آلهة جديدة
ويداي في الأغلال، لكني
أداعب دائما أوتار سنتوري البعيدة
و أثير جسمك
تولد اليونان
تنتشر الأغاني
يسترجع الزيتون خضرته
يمر البرق في وطني علانية
و يكتشف الطفوله عاشقان
ريتا.. أحبّيني !و موتي في أثينا
مثل عطر الياسمين
لتموت أحزان السجين
127 Total read