محمود درويش

1941-2008 / الجليل / فلسطين

هي في المساء - Poem by

هي في المساء وحيدةٌ
وأًنا وحيدٌ مثلها
بيني وبين شموعها في المطعم الشتويِّ
طاولتان فارغتان لا شيءٌ يعكِّرُ صًمْتًنًا
هي لا تراني، إذ أراها
حين تقطفُ وردةً من صدرها
وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أًرشفُ من نبيذي قُبْلَةً
هي لا تُفَتِّتُ خبزها
وأنا كذلك لا أريق الماءَ
فوق الشًّرْشَف الورقيّ

هي وَحْدها، وأَنا أمامَ جَمَالها
وحدي. لماذا لا تًوَحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟
قلت في نفسي
لماذا لا أَذوقُ نبيذَها؟
هي لا تراني، إذ أراها
حين ترفًعُ ساقها عن ساقِها
وأَنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أَخلَعُ معطفي
لا شيء يزعجها معي
لا شيء يزعجني، فنحن الآن
منسجمان في النسيان
كان عشاؤنا، كُلٌّ على حِدَةٍ، شهيّاً
كان صَوْتُ الليل أزْرَقَ
لم أكن وحدي، ولا هي وحدها
كنا معاً نصغي إلى البلَّوْرِ

هِيَ لا تقولُ
الحبُّ يُولَدُ كائناً حيّا
ويُمْسِي فِكْرَةً
وأنا كذلك لا أقول
الحب أَمسى فكرةً
115 Total read