أَجلس ُأمام التلفزيون , إذ ليس في وسعي
أن أفعل شيئاً آخر . هناك , أمام التلفزيون
أَعثُرُ على عواطفي , وأَرى ما يحدث بي ولي
ألدخان يتصاعد مني . وأَمدُّ يدي المقطوعةَ
لأمسك بأعضائي المبعثرة من جسومٍ عديدة
فلا أَجدها ولا أهرب منها من فرط جاذبيّة
الألم . أَنا المحاصَرُ من البرِّ والجوِّ والبحر
واللغة. أقلعتْ آخرُ طائرةٍ من مطار بيروت
ووضعتني أمام التلفزيون، لأشاهد بقيَّة موتي
مع ملايين المشاهدين، لا شيء يثبت أني
موجود حين أفكِّر مع ديكارت، بل حين ينهض
مني القربان ، الآن ، في لبنان . أَدخُلُ في
التلفزيون ، أنا والوحش . أَعلم أنَّ الوحش
أقوى مني في صراع الطائرة مع الطائر . ولكني
أَدمنت ، ربما أكثر مما ينبغي ، بُطُولَةَ المجاز
التهمني الوحشُ ولم يهضمني . وخرجتُ سالماً
أكثر من مرة . كانت روحي التي طارت شَعَاعاً
مني ومن بطن الوحش تسكن جسداً آخر
أَخفَّ وأَقوي ، لكني لا أعرف أين أنا
الآن : أمام التلفزيون ، أم في التلفزيون
أما القلب فإني أراه يتدحرج ، ككوز صنوبر
من جبل لبناني إلي رَفَح