محمود درويش

1941-2008 / الجليل / فلسطين

عن الصمود - Poem

لو يذكر الزيتون غارسه
لصار الزيت دمعا
يا حكمة الأجداد
لو من لحمنا نعطيك درعا
لكنّ سهل الريح
لا يعطي عبيد الريح زرعا
إنّا سنقلع بالرموش
الشوك و الأحزان ... قلعا
و إلام نحمل عارنا و صليبنا
و الكون يسعى
سنظل في الزيتون خضرته
و حول الأرض درعا
إنّا نحبّ الورد
لكنّا نحبّ القمح أكثر
و نحبّ عطر الورد
لكن السنابل منه أطهر
فاحموا سنابلكم من الأعصار
بالصدر المسمّر
هاتوا السياج من الصدور
من الصدور ؛ فكيف يكسر ؟؟
إقبض على عنق السنابل
مثلما عانقت خنجر
الأرض ، و الفلاح ، و الإصرار
قل لي : كيف تقهر
هذي الأقانيم الثلاثة
كيف تقهر ؟
عيناك يا صديقتي العجوز، يا صديقتي المراهقة
عيناك شحّاذان في ليل الزوايا الخانقة
لا يضحك الرجاء فيهما ، و لا تنام الصاعقة
لم يبق شيء عندنا ... إلّا الدموع الغارقة
قولي : متى ستضحكين مرة ، و إن تكن منافقة ؟
كفاك يا صديقتي ذئبان جائعان
مصّي بقايا دمنا ، و بعدنا الطوفان
و إن سغبت مرة ، لا تتركي الجثمان
و إن سئمت بعدها ، فعندك الديدان
إنّا خلقنا غلطة ... في غفلة من الزمان
و أنت يا صديقي العجوز... يا صديقتي المراهقة
كوني على أشلائنا ، كالزنبقات العابقة
الغاب يا صديقتي يكفّن الأسرار
و حولنا الأشجار لا تهرّب الأخبار
و الشمس عند بابنا معمية الأنوار
واشية ، لكنها لا تعبر الأسوار
إن الحياة خلفنا غريبة منافقة
فابني على عظامنا دار علاك الشاهقة
أسمع يا صديقتي ما يهتف الأعداء
أسمعهم من فجوة في خيمة السماء
' يا ويل من تنفست رئاته الهواء
من رئة مسروقة
ياويل من شرابه دماء
و من بنى حديقة ... ترابها أشلاء
يا ويله من وردها المسموم
159 Total read