محمود درويش

1941-2008 / الجليل / فلسطين

آه.. عبد اللّه - Poem by

قال عبد الله للجّلاد
جسمي كلمات ودويّ
ضاع فيه الرعد
و البرق على السكّين
و الوالي قوي
هكذا الدنيا
و أنت الآن يا جلاد أقوى
ولد الله
و كان الشرطيّ
عادة، لا يخرج الموتى إلى النزهة
لكن صديقي
كان مفتونا بها
كلّ مساء
يتدلّى جسمه، كالغصن، من كل الشقوق
و أنا أفتح شباكي
لكي يدخل عبد الله
كي يجمعني بالأنبياء
كان عبد الله حقلا و ظهيرة
يحسن العزف على الموّال
و الموال يمتد إلى بغداد شرقا
و إلى الشام شمالا
و ينادي في الجزيرة
فاجأوه مرة يلثم في الموال
سيفا خشبيا.. و ضفيرة
حين قالوا: إنّ هذا اللحن لغمّ
في الأساطير التي نعبدها
قال عبد الله
جسمي كلمات.. ودويّ
هكذا الدنيا
و أنت الآن يا جلاد أقوى
و كان شرطي
عادة، لا يعمل الموتى
و لكن صديقي
كان من عادته أن يضع الأقمار
في الطين
و أن يبذر في الأرض سماء
و أنا أفتح شباكي
لكي يدخل عبد الله حرّا و طليقا
كالردى و الكبرياء
كان عبد الله حقلا
لم يرث عن جدّه إلاّ الظهيرة
و انكماش الظّل و السمرة
عبد الله لا يعرف إلاّ
لغة الموّال، و الموّال مفتون بليلى
أين ليلى؟
لم يجدها في الظهيرة
يركض الموّال في أعقاب ليلى
يقفز الموال من دائرة الظل الصغيرة
ثم يمتدّ إلى صنعاء شرقا
و إلى حمص شمالا
و ينادي في الجزيرة:
أين ليلى؟
كان عبد الله يمتدّ مع الموّال
و الموّال ممنوع
يقول السيّد الجلاّد
إن البعد في الموّال لغم
في الأساطير التي نعبدها
..و تدلّىرأس عبد الله
في عزّ الظهيرة
آه، عبد الله
و الأمسية الآن بلا موتى
و أنت الآن حل للحلول
آه.. عبد الله
رموز
و فصول
آه.. عبد الله
لا لون و لا شكل لأزهار الأفول
آه ..عبد الله
لا أذكر بعد الآن ما كنت تقول
آه ..عبد الله
لا تسمعك الأرض
و لا ليلى
و لا ظلّ النخيل
و كانت شرطة الوالي
و مليون قتيل
190 Total read