عيونك شوكة في القلب
توجعني ..و أعبدها
و أحميها من الريح
و أغمدها وراء الليل و الأوجاع.. أغمدها
فيشعل جرحها ضوء المصابيح
و يجعل حاضري غدها
أعزّ عليّ من روحي
و أنسى، بعد حين، في لقاء العين بالعين
بأنّا مرة كنّا وراء، الباب ،إثنين
كلامك كان أغنية
و كنت أحاول الإنشاد
و لكن الشقاء أحاط بالشفقة الربيعيّة
كلامك ..كالسنونو طار من بيتي
فهاجر باب منزلنا ،و عتبتنا الخريفيّة
وراءك، حيث شاء الشوق
و انكسرت مرايانا
فصار الحزن ألفين
و لملمنا شظايا الصوت
لم نتقن سوى مرثية الوطن
سننزعها معا في صدر جيتار
وفق سطوح نكبتنا، سنعزفها
لأقمار مشوهّة ..و أحجار
و لكنيّ نسيت.. نسيت يا مجهولة الصوت
رحيلك أصدأ الجيتار.. أم صمتي؟
رأيتك أمس في الميناء
مسافرة بلا أهل .. بلا زاد
ركضت إليك كالأيتام
أسأل حكمة الأجداد
لماذا تسحب البيّارة الخضراء
إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء
و تبقى رغم رحلتها
و رغم روائح الأملاح و الأشواق
تبقى دائما خضراء؟
و أكتب في مفكرتي
أحبّ البرتقال. و أكره الميناء
و أردف في مفكرتي
على الميناء
وقفت .و كانت الدنيا عيون الشتاء
و قشرةالبرتقال لنا. و خلفي كانت الصحراء
رأيتك في جبال الشوك
راعية بلا أغنام
مطاردة، و في الأطلال
و كنت حديقتي، و أنا غريب الدّار
أدقّ الباب يا قلبي
على قلبي
يقوم الباب و الشبّاك و الإسمنت و الأحجار
رأيتك في خوابي الماء و القمح
محطّمة .رأيتك في مقاهي الليل خادمة
رأيتك في شعاع الدمع و الجرح
و أنت الرئة الأخرى بصدري
أنت أنت الصوت في شفتي
و أنت الماء، أنت النار
رأيتك عند باب الكهف.. عند الدار
معلّقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك
رأيتك في المواقد.. في الشوارع
في الزرائب.. في دم الشمس
رأيتك في أغاني اليتم و البؤس
رأيتك ملء ملح البحر و الرمل
و كنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفلّ
و أقسم
من رموش العين سوف أخيط منديلا
و أنقش فوقه لعينيك
و إسما حين أسقيه فؤادا ذاب ترتيلا
يمدّ عرائش الأيك
سأكتب جملة أغلى من الشهداء و القبّل
'فلسطينية كانت.. و لم تزل
فتحت الباب و الشباك في ليل الأعاصير
على قمر تصلّب في ليالينا
وقلت لليلتي: دوري
وراء الليل و السور
فلي وعد مع الكلمات و النور
و أنت حديقتي العذراء
ما دامت أغانينا
سيوفا حين نشرعها
و أنت وفية كالقمح
ما دامت أغانينا
سمادا حين نزرعها
و أنت كنخلة في البال
ما انكسرت لعاصفة و حطّاب
وما جزّت ضفائرها
وحوش البيد و الغاب
و لكني أنا المنفيّ خلف السور و الباب
خذني تحت عينيك
خذيني، أينما كنت
خذيني ،كيفما كنت
أردّ إلي لون الوجه و البدن
وضوء القلب و العين
و ملح الخبز و اللحن
و طعم الأرض و الوطن
خذيني تحت عينيك
خذيني لوحة زيتّية في كوخ حسرات
خذيني آية من سفر مأساتي
خذيني لعبة.. حجرا من البيت
ليذكر جيلنا الآتي
مساربه إلى البيت
فلسطينية العينين و الوشم
فلسطينية الإسم
فلسطينية الأحلام و الهم
فلسطينية المنديل و القدمين و الجسم
فلسطينية الكلمات و الصمت
فلسطينية الصوت
فلسطينية الميلاد و الموت
حملتك في دفاتري القديمة
نار أشعاري
حملتك زاد أسفاري
و باسمك صحت في الوديان
خيول الروم! أعرفها
و إن يتبدل الميدان
خذوا حذّرا
من البرق الذي صكّته أغنيتي على الصوّان
أنا زين الشباب ،و فارس الفرسان
أنا. و محطّم الأوثان
حدود الشام أزرعها
قصائد تطلق العقبان
و باسمك، صحت بالأعداء
كلى لحمي إذا ما نمت يا ديدان
فبيض النمل لا يلد النسور..
و بيضة الأفعى
يخبىء قشرها ثعبان!
خيول الروم.. أعرفها
و أعرف قبلها أني
أنا زين الشباب، و فارس الفرسان