لم يبق شيء يا سعاد
فلا تلومي
نامي على سعف النخيل
تلحفي رمل السوافي
إنها الصحراء نعشك
إنها الصحراء قبرك فاهدئي
قد كنت مثلك يا سعاد
ألملم الآمال
زيتونا وحنونا وزعتر
وأقص للنجمات عن وطني
حكايات بريئة
قد كنت مثلك مؤمنا بالقادم الحتمي
أرقب أن تجيء مع المساء العاصفة
وأنام حين أنام
لا عين يراودها السبات
ولا فؤاد يهجع
أمشي على وجع الكروم ترنـحا
لم أبقِ من حزن القرون مرارة
إلا اكتويت بجمرها
وفرشت أوراقي ودمعي
وارتميت على الطريق
الآن عدت إلى البدايات العصيبة
أمشي وأحمل فوق ظهري
ألف عام من رحيل
وأجر خلفي كل أشجار النخيل
أبكي وفي عيني الحسين وكربلاءْ
وعلى يدي نام الزبير
فحز سيف الردة الرعناء
نصف ملامحي الأولى
كما انتصف الولاءْ
نامي سعاد ولا تلومي
ما عاد ينفع أن أقول
وأن تقولي
فالدرب أعمى
والوجوه مزيفة
كذبت عواصمنا
تهدم حلمنا
وتكسرت أغصان لقيانا معا
وانهار حلمك
وانتهى ما بيننا
ماذا علينا يا سعاد
إذا أفقنا من رؤانا البيض
واحترق المنام ؟
فالجمر أطفأه الكلام
لم يبق لي شيء سوى هذي القصيدة
إني أفقت على الكلام
سافرت مثلك في الوعود
وفي البراءة والغرام
وتركت أمي تشعل التنور
قلت : دعي رغيفا
علني إن عدت آكله
وزيتا من غلال الموسم الآتي
واعدت أمي أن أعود بعيد عام
ومضيت .. عاما
إثر عام .. إثر عامْ
ونزفت في كل المطارات التي
وسمت جبيني أنني
ولد شقي
يتقن الترحال
يحترف التشرد في العواصم والجبال
والآن مثلك يا سعاد
غدوت لا حلما جميلا
لا وطن
دمك الذي لم يبق منه سوى القليل
ودمي المعذب كلما أزف الرحيل
دمنا على الطرقات يحكي قصتينا
نـحن القتيلةَ والقتيل