فرخ ورديّ اللحمْ
وصبيّ, أعرجُ في الساحه
في (الفلفو) المنقضَّة كالسهم
وجه يتمرس خلف الأصباغ .. يقيء وقاحه
كانت أمي تشكو لي, منذ اللحظات الأولى .. كيف
ـ شوتها الجنيات بقاع أتون قدَّدها, حتى لم تعرف
إلا نوم الجنب الواحد
والصحن الواحد
والولد الواحد
والبسملة الغادية الروّاحة
كل الأشياء لديها, من عبث الجنيات, وكيد عفاريت
ـ الأرض السفلية
كانت
كالوادي الضيق في سوهاج
يضغطه عملاقان, يمجَّان الذرة الصفراء, وأبخرة الشمس اللفّاحة,
وشقوق الأرض المضروبة بالعطش المسعور, وحوقلة الحلقاتِ
الدوارة في الليل وتهويم الأرواح
ونتوءات الأكواخ المسكونة بالأشباح
كان التاريخ الفرعوني, وأيام الفتح كناطورٍ من حجر الجير المتفتت
تتثاءب تحت السقف البوصي, وفي قِدْر الفول
ـ المطبوخ, وفوق حواف الصمت المتسلط
والكانون الموقد
يتنفس أوجاع ذئاب جوعى
ـ للجيف المتفاعلة مع الليل المسمط
كان الولد المتوحد
يتداخل في ليل النجع المسترخي بعد نهارات طوَّقها
ـ الطمي الفوار, وغاصت في المد
كان ظلام الغرفة, مثل سماء الخارج يزخر ببريق
ـ القطط الأرواح
والسقف البوصي, مساحات من قصب السكر
مأوًى للجثث المنتفخة .. في أنهار الثأر
أو غابة أذناب عقارب زيتونيه
بينا يتململ في الخارج, قمر كرغيف شمسي لوّحه الصهد
يغرس أسنان الضوء النازف في الجدران اللبنية
كان الصيف غليظا
وجلودُ الناس تشيط
وقطار الأقصر يعوي فوق الجسر
والذهبيات ارتدت الأضواء, وراحت تتأود
ـ صاعدة في النهر
قالت أمه
من فيها جُبِلوا من ذهب سلطاني منقوع تسعة أشهر في ماء الورد
(كان النجع يعج بأطفال, خرجوا من أفران الفخار)
رد أبوه
الناس معادن, يا أم محمد
لكن الولد المتوحد
كان يراقب خفاشا, يتدلى كالثدي الممطوط من السقف الأسود
سنوات العمر الناشف, كالبوص, وعيدان الفول
كانت حقلاً, للشوك الشيطاني, وأرضا تنشقّ عن الغسلين
وتجري بالحمأ المسنون
لكن كانت لا تخلو من أقماع السكر, واللهو المغلول