كلَُ شيءٍ في حَياتي يا رفاقي.. يَتَغَيَّرْ
وحياةُ النَّاسِ مِثْلي كلُّ حِينٍ تَتَكرَّرْ
إنَّ قلْبي مِن شُجوني وسُرورِي يَتَحرَّرْ
فَغَدِي يضْحَكُ من أمْسِ كَئيبٍ يَتَعَثَّرُ
ولقد أُصْبِحُ مسْكِناً وأَمْسي مِثلِ قَيْصَرْ
ولقد يَحْدُثُ عَكْسُ الأَمْر. إنْ كانَ مُقَدَّرْ
ولقد يَنْتَصرُ الجُبْنَ على الشَّامِخ عَنْتَرْ
شَبِعَ الطَّاوِي الذي عاش طويلاً يَتَضَّوَّرُ
وغدا الأَرْنَبُ كالضَّيْغَمِ يَسْتَشِْري ويَزْأَرْ
وغدا العُصْفُورُ صَقْراً جارحاً بالطير يَسْخَرْ
أَنْذَرَ اليَوْمُ فأَبْكى وأَتى اليَوْمُ فَبشَّرْ
فإن قلبي مُطْمئِنٌ لِلذَي قد كنْتُ أحْذَرْ
إزْدَهى اليَوْمُ بِوادي السِّحْرِ والإلْهامِ. عَبْقَرْ
فلقدَ جادَ على الفِكْرِ بما شادَ وضَفَّرْ
ولقد أَجْـزَلَ لِلْحسّ فزكَّاهُ وعَطَّرْ
فإذا باليابسِ المُضْفَرِّ منه عادَ أَخْضَرْ
وإذا بي أنا والشِّعْرُ حَلِيفانِ وأَكْثَرْ
كلَّما نادَيْتُه لّبَّى وأرْغى كَغَضَنْفَرْ
ولقد كان إذا ناديْتُهُ أَكْدى وأَدْبَرْ
ولقد أَوْرَدَ ما أَرْجُوهُ مِن لَحْنٍ.. وأًصْدَرْ
سوف لا أَطْمَعُ مِن بَعْدِ لُهاهُ في حُطامْ
لا ولا في المَجْدٍ.. لو أَرْكَبَني مَتْنَ الغَمامْ
هو أَغْلا ما أُرَجِّيهِ هو الخُلْدُ التَّمامْ
وهو حُلْمِي مُنْذُ أن كنْتُ صَبِياً وغَلامْ
إنَّني أَشْدو بِهِ في الصَّحْوِ أَشْدُو في المَنامْ
وهو أَحْلا مِن رُؤى الحُورِ ومن نَشْوى المُدامْ
وهو أَزْكى من أَرِيجِ الزَّهْرِ في نَضْرِ الكِمامْ
وهو نَسْغُ الحُبِّ يَجْرِي في تَجاويفِ العِظامْ
ما أُعاني بَعْدَهُ مِن مَسِّ فَقرٍ وسِقامْ
فهو النَّشْوةُ والمُتْعَةُ في أَعْذَبِ آلاءِ الغَرامْ
أَوْ أُبالي أجَلِيدٌ حَفَّ رُوحي. أوْ ضِرامْ
فهو العاصِمُ والحائِلُ ما بَيْني وما بَيْنَ السَّوامْ
يا هَوى النَّفْسِ.. لقد وَدَّعْتُ في يَوْمِي هَواكي
لم أَعُدْ أخْشى من الحُبِّ ولا مَكْرَ الشِّباكِ
فَخَميلي من الفَرادِيسِ وفي عالي السِّماكِ
فاذْكُرِيني مِثْلَ ذِكْراكِ لِقُرْبي.. في نَواكي