أعرف بأنني رغم كل ما فعلته لها ولأجلها
لن تعيد لي بلاطة من أزقتها
أو غصناً من غوطتها
إنها مدينتي وأنا أعرفها
ولذلك سأشرب من ينابيعها
بكل ما أستطيع دون ظمأ
وآكل من طعامها فوق طاقتي دون جوع
وأعبّ من هوائها بكل قواي دون علة
لأسترد بعضاً من حقوقي عليها
آه.. فلتذهب حقوقي وحقوقها إلى الجحيم
المهم.. كيف أنساها؟
أنام على جنبي الأيمن: نوافذها وشرفاتها
على الأيسر: مطابخها ومناورها
أتمدد على ظهري: سماؤها
ولكن متى توفرت الرغبة بالانتقام
فأدواته لا تحصى
سأترك وحلها على حذائي
وغبارها على ثيابي
لأسيء إلى سمعة كتابها
سأرش شوارعها وملاعبها بالمسامير
وأرشد القمل إلى رؤوس أطفالها
والريح الثلجية إلى عظام عجائزها
واليأس إلى نفوس شبابها
وأمزق ما تطاله يدي من موسوعاتها
ومجلدات آدابها وعلومها ووقائع أيامها
وأطارد كلابها وقططها في الشوارع
وأنهر متسوليها على الأبواب
وأنفض الحبر على خرائطها وطرق مواصلاتها
وأحطم مصابيحها في الظلام
وأنزع حتى اللحاء عن غاباتها في الشتاء
لا لأنني سادي دموي وشرير
بل لأنني مللت النوم كل ليلة
وأنا مرتاح الضمير