كان عزمي بك
زلزالاً رياضياً ممشوقا
يرقص كل عضلة في جسده العملاق حتى أذنيه وأنفه
وامتداداته تبحث دائماً عن مخرج من قمم الفكر والإبداع
وهو يعشق الفاكهة والخضراوات ويحيطها بهالة من التقديس والاحترام
بحيث يعتبر من يأكلها أو يقترب بأسنانه منها وحشاً بشرياً
يجب أن يطارد حتى جباله ومغاوره
فهو مثلاً يرى في ثمرة الفليفلة الخضراء وجودية سارتر وعدمية كامو
وفي الحمراء إلياذة هوميروس
وفي الفاصولياء ملحمة جلجامش
وفي اللوبياء أصابع شوبان
وفي الرمان كافكا الفصول
وفي عنقود العنب عبقرية موزارت وضحكته الطفولية الساخرة
وفي الموز حواجب كليوباترة
واكتشاف البندورة يعادل اكتشاف الكهرباء أو أميركا
أو البصل اللموني الشهير فهو وراء روائع المتنبي وكرامته وإقدامه
أما الكستناء والخرمة والكيوي
فيعتبرها فاكهة شبابية تذهب وتجيء دون أن يحس بوجودها
كمطربي وشعراء هذه الأيام
وكان يقيم في بستان على ضفة جدول ينبع ويغيب في أملاكه
وضيوفه رجالاً ونساءً أكثر تنوعاً من الفاكهة والخضروات ذاتها
طلاب ناجحون أو راسبون، معلمون، مفتشون، حدادون
نجارون، رياضيون، شعراء، نقاد، مطربون، عاهرات، قديسات في سن
اليأس أو التجنيد يجمعهم الفضول وحب الفكر والأدب
هذا يقشر الفول
وذاك يشوي الباذنجان
وتلك تفرط الرمان
وشاعرة تقطع البندورة
وناقدة تهرس الثوم
ومطلقة تتذوق جميع الأطباق لتقدر وتوافق على ملوحتها ونكهتها
بانتظار لفائف الشواء من أشهر مطاعم المدينة
ثم عصفت الريح بالشواء وغير الشواء
فباع بستانه الواسع واستقر في آخر أصغر
ثم انتقل إلى حديقة
فحاكورة
فمسكبة
ثم إلى كهف
فإلى ممر بين عدة وجائب وأدراج متداخلة كأسنان الملاكم الخاسر
في جولته الأخيرة
وفي التوقيت العالمي والأممي للتمدد والتثاؤب وطرد الغازات في
سماء المنطقة أسلم الروح في مأوى العجزة وهو يتمنى أن يُقرع جرس
منزله أو هاتفه ولو عن طريق الخطأ