ولو أنّ الطريق إليك ميسور
لما وهنت خطاي , وسمّرت نظراتي اللهفى وراء الباب
ولا سهدت عيونك في انتظار زيارة الأحباب
ولا ما بيننا حال العدى والموت والسور
ولكنّ الثعالب في ربوعك تزرع الأهوال
وتغتال ابتسام الصبح فوق مباسم الأطفال
' يا دار , يا دار ,لو عدنا كما كنّا
لاطليلك يا دار , بعد الشيد بالحنّا '
معتّقة جرار الحزن من عشرين في قلبي
اشيل عذابها الموروث في روحي وفي هدبي
ولا أسطيع إفلاتا ونسيانا
وتصفعني عيون الغير في المنفى تعرّيني
تشير إليّ
- أين تروح , أيّ هوية تحمل ؟
فلسطيني , أجل إنّي فلسطيني
هويتي العذاب يظلّ مصلوبا على وجهي ويدنيني
من الينبوع في وطني , هناك ' بكفر عانة ' وجهي
المفقود وجهي الأصل
وأعبر دربي المزروع بالنظرات والعتمة
وأعبر دونما كلمة
ألوذ بصمتي المشحون بالمأساة
وأحضن حزني الموّار , أركن للأسى الخلاّق يبعثني
ويزهر في غد حقلا من البسمات
أذيب به عذاباتي
وترحل عن فمي مرّ الحكايات
وتحملني الرياح على متون الشوق للأحباب
أعانق طفلة الفجر الجديد وأطبع القبلات فوق جبينها القمحي
وأشدو غنوة الفرح
ولكن آه .. موصدة هي الأبواب
ويأتي صوت والدتي العجوز مبلّلا بالحزن والأمل
' بالله يا طير الحي إن جيت دارنا
ريّض إلا يا طيرنا وارتاح
قل لها بحال الجهل يا طول عزّنا
ياما قعدنا ع الفراش صحاح
يا من درى يصفى زماني وأعاتبه
وأعاتبه باللي مضى لي وراح
ويزداد الحنين ويقطر الموّال أشجانا
متى يصفو الزمان يعود كلّ مشرّد لتراب أوطانه ؟
يقبلّه , ويجثو في اخضرار الجرح فوق قبور من ماتوا
يقول لهم
لقد عدنا فلا تبكوا على الأحياء
ونرقب رزقة الفقراء
متى يصفو … ؟
متى يصفو … ؟
أهاجر في العيون أطالع الحرمان
' يا دار.. يا دار..لو عدنا …'
لئن نامت على شرفاتك الأحزان , غنّى طائر الألم
يظلّ هواك نبض دمي
وإن هدموا الجسور إليك , أبحرت المراكب عنك للمنفى
فأنت معي
فأنت معي
وإن سيق البنون , مواكبا للسبي يا وطني
وإن هاموا بصحراء الدجى والتيه والشجن
وإن طعنوا بسكين الطوى في عتمة الليل
وإن نهبت مواسمنا بلا عدل
وإن طالت حبال النفي والبين
فلن ننساك , لن ننساك , يا وطني
فما زال الوميض يشعّ في الأحداق
وميض الرفض , والإصرار والثورة
وما زال المشرّد في الطريق إليك يا حلمي ولن يثنيه
عذاب الغربة المرّة
لأنك فيه أنت الروح , أنت الوهج والفكرة