مالك حداد

1927 – 1978 / الجزائر

أنا في الحقيقة المعلم .. وأنا التلميذ - Poem by مالك حداد

كم أتخيل أني كنت راعيا ذات يوم
وحينئذ يلتمع في عيني هذا الصبر الطويل
صبر الفلاح الذي ينظر إلى يديه الصلبتين
فيرى فيهما تاريخ الوطن الذي سينبت البرتقال
كم أتخيل إني كنت راعيا ذات يوم
وأني قطعت رغيفي الكبير
ووزعت التين
واني هيأت لبناتي
زواجا سعيدا
ما أجمل كل ذلك
أما الآن
فإلى البندقية
إلى العمل
أنا وابني البكر
لقد كانت زوجتي أجمل نساء الوادي

لكلمة 'وطن' عندنا طعم الأساطير
لقد داعبت يدي قلب أشجار الزيتون
إن مقبض الفأس هو منطلق ملحمتنا
لقد رأيت جدي الذي يحمل اسم 'المقراني
يلقي 'مسبحته' جانبا ليتابع بنظراته انطلاق النسور
لكلمة 'وطن' عندنا طعم الغضب
أبي.. يا أبي
لماذا حرمتني
تلك الموسيقى المنسوجة من لحمي، ودمي؟
انظر إلي
إلى ابنك
ابنك الذي يلقن أن يقول في لغة غريبة
تلك الكلمات الحلوة التي كان يعرفها
عندما كان راعيا

يا إلهي
ما اشد وطأة الظلام في عيني هذه الليلة
أماه ! ... يا مه
? MA MERE هل يمكن ان يكون اسمك
لقد فقدت برنسي، وبندقيتي، وقلمي
لقد حملت اسما اشد زيفا من مظهري
يا إلهي
ما ارهب هذا الليل.. ولكن ما عسى يجدي الصفير ؟
إنه الرعب .. يملأ الأفق من حولك
أنت خائف .. أنت خائف .. أنت خائف
فهناك أبدا رجل يلاحقك كرآة لا ترحم
زملاؤك في المدرسة
الشوارع
الترع
كل أؤلئك الذين تؤكد لهم في كل لحظة انك فرنسي
انظروا جيدا إلى ثيابي
إلى لهجتي الفرنسية
إلى منزلي
أنا الذي يجعل من أصله.. من نسبه مهنة زرية
أنا الذي يسخر بالتاجر، فيسميه تونسيا
أنا الذي يعرف ان اليهودي جندي جبان
أتسمونني جزائريا
لا تقولوا ذلك
فهذه شقيقتي لا تضع على وجهها الخمار.
ألم احصل في المدرسة على كل الجوائز في الفرنسية
في الفرنسية .. في الفرنسية .. وباللغة الفرنسية
يا إلهي
ما اشد وطأة الظلام في عيني هذه الليلة
وفي ذات يوم .. اطل 8 أيار
دوري إذا أيتها الأرض
وزمجري أيتها الرعود..
لقد خلقت ماضي المظلم بجميع أخطائه
في قراره قبري العميق

في ذات يوم .. أطل 8 أيار
أيحتاج الإنسان ان يدفع كل هذا الثمن لكي يفهم؟
أيحتاج لكل هؤلاء المعلمين ليتلقى هذا الدرس؟
وكل هؤلاء الموسيقيين ليحب الموسيقى؟
في ذات يوم .. أطل 8 أيار

وكما ينقص المرأة المجد الكامل
إذا لم تهبنا عيون الأطفال
التي نرى فيها استمرار عيوننا
كما تنقص الغابات أفواج العشاق
الذين يملأونهاالمساء:لوا لنسيم المساء : كم تحمنا أيها النسيم
كما ينقص الشراع المركب الذي ينطلق
والمنديل الصغير الذي لا ينسى أبدا
كما ينقص الأسرة البشرية واحد منها
كان ينقصني أنا أشياء كثيرة
كنت بحاجة إلى بستان لأزهاري
إلى عطر لأزهاري
كنت بحاجة إلى بستاني
لقد شاهدت عيون رفاقي تبللها الدموع
رفاقي.. ناسجي العلم الوطني الكبير
علم الجزائر
وها هوذا الآن ينتصب كالريح القوية
شامخا .. واسعا .. كالتاريخ
إنه يجعلنا ننتقم لشعرنا الأبيض ونحن في العشرين
آه
يجب ان تكون لدينا فضائل النحل
لنسحق العسل
ولنغني .. أيها الرفاق
150 Total read