تَبْدَأُ مُوسِيقى العِطْر الأَسْوَدِ،
اِذْ تَبْدَأُ فَاطِمَةُ الفَارِعَةُ السوداءْ
لَحظاتٍ،
وَتَجِيءُ امَرأَةُ الغابَةِ،
عارِيَةً كالرّمحِ،
تَرشُّ على وجهِي طَلْعَ الزَّهْرِ،
تُطَوِّقُني،
بِقَلاَئِدَ مِنْ حَبَّاتِ الفُلْفُلِ،
والشِّيحِ،
وَتَسْتَلقي فَوْقَ ذِراعِي
يا امَرأةَ الغَابةِ،
هل يطلعُ جِنّيُّ الخَدَرِ الباردِ،
من جَسَدِي المسكون؟
فَمِي حَطَبٌ،
وَدَمِي رَمْلٌ يَتَنَاثَرُ،
بينَ الصحْوَةِ والإغْمَاءْ..
تركضُ في الغاباتِ،
أَمِ الغاباتُ إِليكَ أَتَتْ تِسْعَى؟
لَمْ يَرْتَدَّ إليكَ الطَّرْفُ،
وها هِيَ ذِي
تَتَخَلَّقُ في عينيكَ،
قَطوفاً دانيةً،
تَتَنَفَّسُ بين يَدَيْكَ،
بَرَاعِمَ حنَّاءٍ وقُرنْفُلَ
أَيَّتُها الآفاقُ الغامِضَةُ،
الآنَ أَعُودُ إلى امرأَةٍ،
منذُ قُرونِ كانَتْ ترقبُني
تًتًهَيَّأُ للعشقِ،
الأحلامُ بخورٌ تَصَّاعَدُ مِنْ حَولِي،
وَتَدُورُ،
أرَى الطينَ يَفِيضُ،
الأشجارَ تَفِيضُ،
'لماذا يَلْتَفُّ على عُنُقي،
ثُعبَانُ الخَوف؟'
الآن أعودُ إلى أرضٍ،
كنتُ بِها أَتَنَاسَخُ
مَمْلَكَةً للعُشْبِ،
وللطيرِ،
فضاءاً للتحليقِ الأَبَديِّ،
تُراباً للعَصْفِ،
وللأمطارِ الحَمراءْ..
طَبْلٌ أَفْرِيقيٌّ،
يَتَقَلَّبُ تَحْتَ يَدَيَّ،
يُدَمْدِمُ في رَأْسِي،
هذا العِطْرُ الغَامِضُ،
هذا اللونُ المُمْتَلِئُ،
الحَارْ..
تَعْرَى في الغاباتِ،
أَمِ الغاباتُ أمامَكَ تَعْرَى؟
ها هيَ ذِي تَفْتَتحُ الأبوابَ السريَّةَ،
للشمسِ الياقوتَةِ،
والأَدْغَالِ البِكْر،
ثِمارُ الغَيْبُوبَةِ تَسَّاقَطُ حولَكَ،
أَمْ جُدرانُ اليَقَظَهْ؟..
'فاطِمَةُ انتظري،
فاطِمَةُ اتَّزِنِي،
فاطِمَةُ....
النمرُ الرابِضُ في الأعماق،
يُغَطّيهِ الثلجُ'،
الغاباتُ.. الغاباتُ تُغَطيّكَ،
الجَسَدُ المُتَفَتتُ سَيْل مُخْتَلِطٌ،
والرؤيا رِيشُ يَتَطايَرُ،
'فَاطِمَةُ انتَبِهي،
فَاطِمَةُ....
الرقصُ الوحشيُّ السَاذَجُ،
يخطفُ خَطْوي،
وَيَخُضُّ الصمتَ'
الغاباتُ تَخُضُّ دِماكَ،
تَرَجِّعُ أَصداءَ رَنينِ الأَسرار،
وأَصواتِ المخلوقاتِ الجائِعَةِ الحَيَّةِ،
تَنْفُخُ فيِكَ،
طقوسَ السِّحْرِ الأَسْوَدِ،
والحَيَواتِ المُنْقَرِضَهْ
نافِذَةٌ للحلمِ،
نِدَاءُ ممالِكَ لم تُولَدْ بَعْدُ،
أَوَانٌ للفَرَقِ الفَاتِنِ،
هذا الجَسَدُ البَحْرُ،
الجَسَدُ ،
الغابَهْ...
بَوَّاباتُ البحرِ اغْتَسَلَتْ بالزَّبَدِ،
اتَّسَعَتْ لطيورِ الدَّهْشَةِ،
فادخُلْ،
وَافْتَرِسِ اللحظاتِ،
ابتَكِرِ الخُطواتِ الأُولى
جاءَ الموجُ،
أَمَا آنَ لوجهِكَ،
أَنْ يَنْفُضَ هذا العَلَقَ البريَّ،
لِصَوْتِكَ أَنْ يمرقَ،
مِنْ أَصْدَافِ الذكرى؟
جاءَتْ فاطمةُ،
الشمسُ،
الأمواجُ المُكْتَظَّةُ،
جاءَتْ فاطِمَةُ،
اللحظاتُ الشَرِسَهْ..