جميلة العلايلي

1907-1991 / مصر / المنصورة

بين الشك واليقين - Poem by جمي

تـراك هـنـا الـبعـيـد أو القــــــــريبْ
فطبعك سـيـــــــــــــــــــدي طبعٌ غريبْ
لقـد آخذتـنـي دون اكتـــــــــــــــراثٍ
ولـم تشفقْ عـلى الـدمع الصـبــــــــــيب
وكـم أشعـلـت فـي قـلـبـي لهـــــــــيبًا
فبـاتت مهجتـــــــــــــــــي شمعًا يذوب
وغالـبتُ الأســــــــــــــــى عَلّي أواري
هـمــــــــــــــومَ النفس أو شجن الكروب
وكـم أعـلـو عـلى مسـرى ظنـونــــــــــي
ولـولا الـحـبُّ مـا اغتُفِرت ذنــــــــــوب
فكـيف تـمسّ إحسـاسـي بـوهــــــــــــــمٍ
ضمـيري بـات يحـرس كـالرقـــــــــــــيب
ولـولا أننـي بك مستهـــــــــــــــــامٌ
لـمـا أغضى الفؤادُ عـن العـيــــــــــوب
أتـنسـى أننـي نــــــــــــــــــورٌ مشعٌّ
أضـيء دجـاك فـي اللـيل الرهــــــــــيب
أتـنسـى أننـي روحٌ ولـــــــــــــــــوعٌ
حـبـاك الـدفء فـي الجـو الرطـــــــــيب
قنعتُ بكـنز آدابـي وفـنــــــــــــــــي
ولـم أجنح كغـيري للهــــــــــــــــروب
ولا أهفـو لأضـواء الـمـلاهــــــــــــي
وعـشـت هـنـاك فـي كـنف الطـيـــــــــوب
وروَّضتُ الفؤاد عـلى اقتـنــــــــــــــاعٍ
وأضحى الجـاه مشكـاةَ الـذنــــــــــــوب
وكـم قـالـوا وقـولهـمُ مـثــــــــــــيرٌ
فتـاةُ الطهـر والنـبت الـحســـــــــــيب
رمـاهـا صـائدٌ رمـــــــــــــــيَ اقتدارٍ
فلـم يـنجُ الـمحـاذر بـل أُصـــــــــــيب
وكـان الظنّ أنَّ مـن اقتـنـانــــــــــــي
يسـير بركب أوهــــــــــــــــــام تُريب
فـمـا جـازت ظنـونٌ قـدّروهــــــــــــــا
برغمهـمـو عـلـوتُ عـلى الخطـــــــــــوب
لقـد قـال العـــــــــــــــواذل كلَّ إفك
وكـان جزاؤهـم فشلاً يعــــــــــــــــيب
وأشعـلـت الشمـوعَ مسـاء عُرســــــــــــي
لأُعـلن أنك الزوج الـحـبــــــــــــــيب
وأشهدت الرفـاق عــــــــــــــــلى قِرانٍ
بعـيـدٍ عـن أضـالـيل القـلــــــــــــوب
وروّضتُ الفؤادَ عـلى الـتدانـــــــــــــي
وعفت الـمـجـدَ مـــــــــــــن كفّ الغريب
وقـلـت رسـالةُ الأنثى ضـيـــــــــــــاءٌ
يـنـير مسـالك الـدهـر العصـــــــــــيب
وطـابت لـي حـيــــــــــــاةُ القفر دومًا
وهـيّأت الـمقـام لـتستطـــــــــــــــيب
وكـان كفـاحك الـمـاضـي سبـــــــــــيلاً
لـتفتحَ لـي الـمسـالكَ والـــــــــــدروب
وقـدّمت الـدلـيل عـلى وفــــــــــــــاءٍ
سمـا بـي فـوق أقـوال الـمـــــــــــريب
عـلامَ الشك والظَّن الـمـــــــــــــــريبْ
وقـلـبـي عـازفٌ عـمـــــــــــــــا يُريب
صـفـاء الروح يكـسبنـي بـهــــــــــــاءً
فأبـدو فـي الصـبـا رغم الـمشـــــــــيب
فـمـا ذنـبـي إذا مـا كـنـت أبــــــــدو
بسحـر شبـابـيَ الزاهـي القشـــــــــــيب
أخـاف عـلـيك مـن عُقبى سُهـــــــــــــادٍ
يُذيب النفسَ مـن قبـل الـمغــــــــــــيب
فـنــــــــــــــــــاجِ الله إمّا لاح شكّ
فكـم زحفت شكـوكٌ بـالخطـــــــــــــــوب
ولا تجنحْ لـوهـمٍ أو خـيـــــــــــــــالٍ
فكـم أودت شكـوكٌ بـالقـلــــــــــــــوب
وإن تقصـفْ بقـلـبك نـــــــــــــــار شكٍّ
فعُدْ لله واطلـب مـا تطــــــــــــــــيب
وربك سـوف يرفع عـنك حتـــــــــــــــمًا
ظلامَ الـوهـــــــــــــــم والظنّ الكذوب
وتحـيـا فـي رحـــــــــــــاب الله دومًا
ولا تفزع مـن الهـمّ الـمشـــــــــــــوب
فعطّرْ مـن يـقـيــــــــــــــــنك كلَّ فكرٍ
لـتحـيـا فـي الـحـيـاة بــــــــلا كروب
150 Total read