يا لهذا المقعد الخالي وكم يبدو حزينا
إنه ما زال للأمس وفياً وأميناً
لم يزل يهفو إلى من كان يسترخي عليه
للذي عشرين عاما عاشها بين يديه
إنه يطوي لمن غاب اشتياقاً وحنيناً
ذلك المقعد يبدو ساهماً، جهماً، ملولا
مذ نأيناه بعيداً، صار منبوذا ذليلاً
غير أن المقعد المحزون يستهوي شجوني
فأنا غيه على همس ولمس وأنين
ويناجيني طويلاً.. وطويلاً
مهبط الوحي! ويا هوة شمس المغرب
إيه يا عرش ملكي وساد المتعب
كنت حصنا قد تحرك فيك إعصار الظلام
كنت مأوى عقله الحر، وسجن المذنب
كم هنا استنجد يوماً بجناحيك وحلق
ورأى الظلمة نوراً، وأرى المغرب مشرق
مستحماً في أثير من شذى الأوهام بكر
راكباً صهوة خيل، عابراً أقواس نصر
ثم أخفى في حناياك فؤاداً يتمزق
ذلك الجسم الذي كان هنا أين توارى ؟
أين ولى تلاشى تاركاً كوناً ودارا ؟
يا لسخرية عيشي، يا تفاهات وجودي
أو يحيى الفرد منا مضغة في حلق دود
والجماد الصلب باق.. يتحدانا جهارا
ذلك الجسم الذي كان هنا فوق الحشايا
لم تزل منه على الظهر وللذكرى بقايا
فجوات وندوب في حنايا المسند
أيها الأحياء مهلاً فجراح المقعد
إنها منكم ومني....فهي آثار الضحايا
مخزن الذكرى ويا من شارك الراحل زاده
كان في حضنك قلبًا نابضًا يهوى بلاده
كان في حضنك شيخًا فيلسوفًا وحكيما
كان في حضنك ضيفًا قلق الروح سقيما
ثم ولى عنك يومًا ... مؤثرًا حضن سواده