قل للذين طلوه فزيفوه طلاء
تلك الجلالة كانت صدقا فصارت رياء
يا حائنين صباحا فبائدين مساء
وواردين المنايا في الأعجلين فناء
باي شيء إليكم ذاك الخلود أساء
أدمية في يديكم بالصبغ تعطي رواء
يا حسرة الفن ممن يسطو عليه ادعاء
ولا يرى الحسن إلا نظافة رعناء
وجدة تتشظى تلمعا وازدهاء
تفدي التلاوين أبقى ما كان منها حياء
وما عصى في سبيل الحصافة الأهواء
وما أتى وفق أسمى معنى أريد أداء
وما على متمنى سلامة الذوق جاء
يا كدرة حقروها إذ حولوها صفاء
وغبرة يكره الفن أن تكون نقاء
وصدأة يأنف الحسن أن تعود جلاء
ليس العتيق إذا جاد الجديد سواء
خمسون عاما تقضين ضحوة وعشاء
في صنع وشي دقيق لقين فيه العناء
واهي النسيل دقيق النسيح ما اللطف شاء
لكن متين على كونه يخال هباء
يزيده الدهر قدرا بقدر ما يتناءى
ويستعير لأبقى الفخار منه رداء
نظمنه لحمات وصغنه أسداء
والنور سخرن كيما يبدعنه والماء
والحر والبرد أعملن والثرى والهواء
حتى كسون حديد التمثال ذاك الغشاء
مزركشا برموز بديعة إيحاء
مما تخط المعالي على الرجال ثناء
غير الحروف رسوما وغيرهن هجاء
ما زلن يأبين إلا أولي النهى قراء
ذاك الغشاء وقد تم حسنه استيفاء
علا غلام إليه بمسحه سوداء
وجر جهلا على آية الجلال العفاء
فبينما النصب الفخم يبهج الحوباء
إذ عاد بالدهن والصقل صورة جوفاء
نضاحة ماء قار منفوخة كبرياء
ليلاء ترسل من كل جانب لألاء
كأنها لفتات التاريخ يرنو وراء
وليس يألو المداجين بيننا إزراء
نظرت والشعب يأسى والخطب عز عزاء
والفن يستنزف الدمع حرقة واستياء
ومصر فرعون من أوج مجدها تتراءى
غضبى تقبح تلك الأفعولة النكراء
فقلت للجهل والغم يفطر الأحشاء
يا قاتل الشرق بالترهات قوتلت داء
أمالئ الكون في وقته سنى وسناء
رب الكنانة محيي مواتها إحياء
أمضى مليك تولى إدارة وقضاء
وخير من رد بالعدل أرض مصر سماء
وكان صاعقة الله إن رمى الأعداء
وكان نوء الموالين رحمة وسخاء
يمد فدم إلى شخصه يدا عسراء
تكسوه حلة عيد والعز يبكي إباء
فبينما كان مرآه يبعث الخيلاء
إذا الجواد ورب الجواد بالهون باءا
في زينة لست تدري زرقاء أو خضراء
ترد هيبة ذاك الغضنفر استهزاء
أكبر بذاك افتراء على العلى واجتراء
ذنب جسيم يقل التأنيب فيه جزاء
من فعل زلفى على القطر جرت الأرزاء
واليوم تغسل أعلاقها البلاد بكاء