جابر قميحة

1934 / مصر

عم مساءا أيها المحظور - Poem by جابر قم

عِمْ مساءً أيها المحظور في ظل الطوارئْ
عم مساءً
وانتبه
والتزم في ظلها الميمونِ حظركْ
فهْي تحمي الشعبَ
والأمنَ
فحاذر- ضدها- أن تتحركْ
(طوارؤنا طوارقُ كلِّ عاصٍ
تؤدب من بغى حتى يلينا)
أيها المحظور في ظل الطوارئ
لم يعد أمرُك أمرَكْ
إنما الأمرُ لنا
فاصدع بما تُنهى وتُؤمرْ
أو فداور ثم ناورْ
أو فعارضْ
أو لترفض أمرنا
إننا نرفضُ رفضَكْ
عندها نجعل من حُلوِك مرَّكْ
لا تلمنا إن مضينا
واختَـصَرنا
في مسار العمر عمرك
هداةً عادلين إذا حَكمنا
وما كنا لقومٍ ظالمينا
فاحترم - يا أيها الرجعيُّ - حظرك
لا تقل لي
'إنما الإسلام حلٌ '
إننا نرفض حلَّك
وتذكر: أنت عضو
في كيان وصْفُه 'المحظورُ'
و'المنحلُّ'
فالقانونُ قد أوجب حلكْ
هل من المعقولِ
أن يَطرحَ محلولٌ
لهذا الشعب حلاً ؟
فتعقلْ
لا تُجاوز بالهُراء المرِّ حدًّكْ
إننا الدولةُ، والجولة
والصولة، والدستورُ
والقانون، والسلطان، والجاهُ
فراجع في ضلالاتِك عقلكْ
(لنا مصرٌ ومَن أمسى عليها
ونبطش حين نبطش قادرينا)
فاحترم - يا أيها الرجعي - حظركْ
ليس ينجيكَ، ولا يحميكَ
أن تتلُو - مع الأسحار - وِرْدك
أو تبللَ - من دموع الخوفِ
في المحرابِ - وجهَكْ
وتصلي وتزكي
وتعيشَ العشقَ في تقواكَ
كي ترفعَ وِزْرَكَ
بعد ما أنقََض - في زعمك - ظهرَكْ
(ولن تنجُو إذا لم تتخذْنَا
مثالاً هاديًا تقوى ودينا)
أيها المحظورُ في ظل الطوارئ
كيف تنسى ما منحناك
من النعماءِ
ما رُمْتَ وأكثرْ
فمنحناكَ- من الحرية السمحاءِ-
ما يرفعُ شأنكَ
ومنحناك حقوقًا
لم يحُزها الناسُ قبلكْ
ثم تجحد؟
منكرًا بالحقدِ أفضالَ كبيرِ القصرِ
ما أبشع حقدَكْ
(منحناكم من النعماءِ فيضًا
وبالنعماءِ كنا السابقينا
فلكَ الحقُ.. بأن تهتف
في أكبر ميدان:
بأن يسقطَ بوتينُ
ودستانُ
وصدامُ وديانُ
وأنديرا وسنجورُ وطاغورُ
ولن نُخرسَ صوتَكْ
ولك الحق بأن تنقدَ 'روبي'
وتنادي بسقوط 'العجرميين'
وتُفرغَ فوقَ 'نانسي'
والفضائياتِ سُخطكْ
ولك الحقُ بأن نحميكَ منهم
لو عَدَوا يبغون ضُركْ
(حماية شعبنا فرضٌ علينا
ولو كانوا عصاةً مفترينا)
ولك الحق بأن تهتف
بالروح..و بالدمِّ.. نُفدِّي
سيدَ القصرِ المُمَلَّكْ..
ولك الحق بأن تنْظمَ
في كبير القصر شعركْ
ولك الحقُ بأن تسدي إليه
من الأعماقِ شكرَكْ
ولك الحق
بأن تملأ من حُبَّيه قلبك
ولك الحق بأن تزحفَ
- منكوسًا ذليلَ الوجه - للعتباتِ
كي تُبديَ عذركْ
ربما- لست أدري- ربما
يغفرُ ربُّ القصرِ ذنبَكْ
ألا لا يجهلَنْ أحدٌ عليه
فنجهلَ فوق جهلِ الجاهلينا
وكفلنا لك- يا محظورُ
أن تُعمل عقلكْ
فلْتفكرْ.. كيفما شئت.. وأكثر
ولتعبرْ.. كيفما شئتَ.. وأكثرْ
أنت حر. فلتفكر.. ولتعبر
لم يزل ذلك حقَّكْ
فلْتزاولْه.. ولكنْ
دون أن تنطقَ حرفًا
دون أن تكتبَ حرفًا
عندها تبدو لنا
أبهى وأشْيكْ
(فكم جرَّ اللسانُ على أناسٍ
مصائبَ لن تموتَ ولن تهونا)

ولك الحريةُ الرحْبَةُ في الترشيح ِ
ترشيحِكَ نفسَكَ
في المحلياتِ
أو في مجلس الشعبِ
أو الشورى..
تَقَدَّمْ.. واثقَ الخَطْوِ..
تَرَشَّحْ
رافعًا بالعز رأسَكْ
واتركْ الباقي علينا
فالصناديقُ بخيرٍ
والنزاهاتُ.. هوانًا
والأماناتُ.. مصونةْ
والتزامُ العدلِ مسْلَكْ
فلتصدقنا
ولا تسمعْ لأهلِ الرملِ في الثغرِ
ولا أشمونَ
أو عزَبٍ.. وحشمتْ
وسيأتيك من الأنباء
ما يشرحُ صدرَكْ
(فحزبُ الأغلبيةِ نحنُ منهُ
به نبقى الهداةَ الغالبينا)
ولقد نسمحُ أن تختارَ سجنَكْ
وكذا الزنزانةَ السوداءَ نُزْلَكْ
ولك الحقُ بأن تختار قيدَكْ
مُتقنَ التشطيبِ.. لا يصدأُ
كي لا يُؤْذِيَنْ كَفَّيْكَ
أو يُدميَ زِنْدَكْ
(زنازننا بنا صارت ألوفًا
كذاك سجونُنا صارت مِئينا)
وإذا استشعرتَ بالوحشة
في السجنِ فبلِّغْنَا
لكي نمحُوَ سَأْمَكْ
بمقيمينَ يضافون إليك
إذا شئتَ أباكَ، وإذا شئتَ أخاكَ،
وإذا شئت فبعضًا من بنيك
ولا مانع- إن شئتَ - فعمَّكْ
أنت حرٌ
في اختيار الجالبين إليك أُنْسَكْ
(وجَمْعُ الشَمْلِ من أنقى السجايا
لذا زِدنَا الزنازنَ والسجونا)

فاحترمْ- يأيها الرجعيُّ
يا محظورُ- حَظْرَكْ
أو تقدمْ، واحْفُرَنْ-
-بالعندِ والإصرارِ- قبرَكْ
ولك الحق
بأن نحملَ عنْ أهلكَ غُسْلكْ
وكذا الدفنُ علينا
وتكاليفُ العزاءِ والمعزينَ علينا
ولإكرامِكَ.
قد ننشرُ
في 'الأهرامِ' نعيَكْ
117 Total read