غادة السمان

1942 / دمشق

أشهد على جنوني - Poem by غ

أفتتح الحب بك و الفرح
و أتوجك
في مملكة الذاكرة أميراً
يرفل في حرمانه
رعيته من العشاق و الأزهار و العصافير
و القواقع التي تغلي حياة سرية
داخل أصدافها القاسية البكماء
على شطآن حارة لبحار منسية
أفتتح الضوء بك
و أشهد بانهيارات أكواخ وطني
و شظايا زمني
و بليالي الغربة في فنادق القطارات
أشهد بالتشرد
و عزف المتوحدين في المحطات
أشهد بالقتل و الدمع الأسود بالكحل
اشهد بالبوم اللطيف و بحبري
و أوراقي و خواتمي و غيتاري
أشهد بالنوم على بركان
و بممحاة النسيان
أشهد بالبجع و الغزال و القارات و العناصر
أشهد بالعاصفة تطاردني
و بالشراسة المائية المعدنية الحجرية تحاصرني
أشهد بدمي و دمك و سلالات الأسرار
و مواقد العشاق في البراري
أشهد بالبحر
و النجوم في ليلة صحراوية صافية
أشهد بالشاي البارد في مطارات الوحشة
أشهد بكل ما أحببته أو كرهته
بكل ما طعنني و طعنته
أشهد أنني أحبك
أشهد بسكين البوصلة و ليلة الشمس
أشهد ب' نعم ' و 'لأ ' و بالعودة الى التفاحة
أشهد بفجر القلب العاري و المرايا المكسورة
بوداعات مكهربة بعناق اللغم بمباهج السم
أشهد بنزوات مطلقة السراح
حتى جنون الصحو
أشهد بالعصافير تطير من عينيك
الى قلبي
أشهد بقهوة الصباح معك
ذات فجر غابر في ' الحي اللاتيني '
أشهد بالثلج
فوق تلة ' مونتمارتر ' و سلالمها
أشهد بأصابع الرسامين
الملطخة بالأصباغ و النيكوتين
و هم يرسموننا معا في ساحة ' التيرتر '
أشهد أنني أحببتك مرة .... و ما زلت
و اذا أنكرت حبي لك
تشهد أهدابي على نظرة عيني
المشتعلة حتى واحتك
و اذا تنصلت منك
تشهد يدي اليمنى على اليسرى
و أظافري على رسائل جنوني بك
و تشهد أنفاسي ضد رئتي
و تمضي دورتي الدموية عكس السير
ضد قلبي
و تشهد روحي ضد جسدي
و تشهد صورتي في مراياك
ضد وجهي
و تشهد الأقمار الطبيعية و الاصطناعية
ضد صوتي
و حتى يوم أهجرك - أو تهجرني
لن أملك
الا التفاتة صبابة صوب زمنك
لأشهد أنني أحببتك مرة ... و ما زلت
225 Total read