فيصل خليل

1945 / سوريا

كيمياء - Poe

كان يحبُّ أمَّهُ الحنونْ
ومثلما تريدُ أن يكونْ
حاول أن يكونْ
كانت تريد أن يكونَ طيباً
فكانَ طيباً
للذئبِ
والثعلبِ
والثعبانْ
كانت تريد أن يكونَ هادئاً
فكانَ هادئاً
يضربُهُ الزلزالُ
أو يقذفهُ البركانْ
كانت تريد أن يكون صابراً
فكانَ صابراً
و'صبَّر' الدِّماغَ
واليدينِ
واللسانْ

صفَّق للعصفور
حينَ طارْ
صفقَ للوجهِ الذي
تمددت صرختُهُ
وغادر الإطار
صفَّق للسيفِ الذي
يرفضُ أن يكونَ صامتاً
ومُطرقَ الرّأسِ
على جدارْ
صفَّقَ للشَّرفةِ
حين خرجت تستقبلُ النَّهارْ
وللمدينةِ التي
لم تعرفِ الأسوارْ
صفَّق للحبِّ
وللقلبِ الذي يختارْ
وحينما أرادَ أن يُسهمَ
في الحوارْ
طفا
مع التيارْ

كانَ.. مع الدجاجْ
ينامُ.
كانَ هادىءَ المزاجْ
كان لهُ عُنقٌ
ولكنْ
لم يشاهدْ ، مرةً ،
مُنتفخَ الأوداجْ
ولم يكن يعرفُ ما ' المكياج '
ولم يكن يعرفُ ما 'المكساج'
وكانَ.. مثلَ كلِّ خائفٍ
يؤمنُ بالأبراجْ
و.. مثلَ كلِّ عاقلٍ
يُفضلُ السكونْ
ويؤثرُ البقاءَ
في منأىً
عن العيونْ
وكانَ لا ينكرُ أنَّ بيتهُ زجاجْ
وأنَّهُ منهمكٌ
بخبزهِ اليوميِّ
لا بالعاج
وحين طالت يدُهُ
صاحَ
أنا الحجّاج

أغمضَ عينيه على الجميلْ
أغمضَ عينيهِ
على اللطيفِ
والبهيِّ
والوارفِ
والجليلْ
أغمضَ عينيهِ
على الغابةِ
والقُبّةِ
والأحجارِ
والمهر الذي يحاولُ الصَّهيلْ
أغمض عينيهِ
على النّاعمِ
والفسيحِ
والضّاحكِ
والممتدَّ
والأثيلْ
أغمضَ عينيهِ على نهارهِ
وحينما استيقظَ في كرسيِّهِ
أيقنَ أنَّ ليلهُ طويل

كانَ يرى
ويقرأُ الأشياءْ
حينَ يقرأ العنوانْ
فلم يكن يعيش في ' هاواي
أو في جزر ' المرجانْ
ولم يكن في حاجةٍ
كي يفهمَ القولَ
لترجمانْ
ولم يكن يُضطر للحاسوبِ
كي يحسبَ ما يكونُ
أو يحسبَ ماذا كانْ
كانَ يرى ويقرأُ الأشياءْ
قائمة الطعامِ
والأرباحَ
والألوانَ
والجيرانَ
والبذل ةَ
والحذاءْ
وكلَّ ما تنشرهُ
جرائدُ الصَّباحِ
أو جرائدُ المساءْ
كان يرى
ويعرفُ الشَّهم
من الفاشوش
وأينَ كانت تختفي ' البنتُ '
وكيفَ يظهر ' القاشوش '
كان يرى
ويعرفُ الشَّاطر خلفَ علبِ القصائدْ
والساذجَ البريء
والمنحازَ
و' اللعِّيبَ '
والمناكدْ
وحينما تشتدُّ
كيف ' تصرفُ ' الشدائدْ
كان يرى
ويدرك الأمور بالخبرةِ
والتجريبِ
والفراسةْ
ولم تكن تأخذهُ الحماسةْ
وكانَ.. إن سألتَهُ
يُجبكَ هامساً
أرجوك! لا أدخلُ في السياسةْ
136 Total read