وطن النجوم ... أنا هنا
حدّق ... أتذكر من أنا ؟
ألمحت في الماضي البعيد
فتى غريرا أرعنا ؟
جذلان يمرح في حقولك
كالنسيم مدندنا
ألمقتني المملوك ملعبة
و غير المقتنى
يتسلّق الأشجار لا ضجرا
يحسّ و لا ونى
و يعود بالأغصان يبريها
سيوفا أو قنا
و يخوض في وحل الشّتا
متهلّلا متيمّنا
لا يتّقي شرّ العيون
و لا يخاف الألسنا
و لكم تشيطن كي يقول
الناس عنه ' تشيطنا
أنا ذلك الولد الذي
دنياه كانت ههنا
أنا من مياهك قطرة
فاضت جداول من سنا
أنا من ترابك ذرّة
ماجت مواكب من منى
أنا من طيورك بلبل
غنّى بمجدك فاغتنى
حمل الطّلاقة و البشاشة
من ربوعك للدّنى
كم عانقت روحي رباك
وصفّقت في المنحنى ؟
للأرز يهزأ بالرياح
و بالدهور و بالفنا
للبحر ينشره بنوك
حضارة و تمدّنا
لليل فيك مصلّيا
للصبح فيك مؤذّنا
للشمس تبطيء في وداع
ذراك كيلا تحزنا
للبدر في نيسان يكحّل
بالضّياء الأعينا
فيذوب في حدق المهى
سحرا لطيفا ليّنا
للحقل يرتجل الرّوائع
زنبقا أو سوسنا
للعشب أثقله النّدى
للغصن أثقله الجنى
عاش الجمال متشرّدا
في الأرض ينشد مسكنا
حتّى انكشفت له فألقى
رحلة و توطّنا
واستعرض الفنّ الجبال
فكنت أنت الأحسنا
لله سرّ فيك ، يا
لبنان ، لم يعلن لنا
خلق النجوم و خاف أن
تغوي العقول و تفتنا
فأعار أرزك مجده
و جلاله كي نؤمنا
زعموا سلوتك ... ليتهم
نسبوا إليّ الممكنا
فالمرء قد ينسى المسيء
المفترى ، و المحسنا
و الخمر ، و الحسناء ، و الوتر
المرنّح ، و الغنا
و مرارة الفقر المذلّ
بل ، و لذّات الغنى
لكنّه مهما سلا
هيهات يسلو الموطنا