سيل همومي قد طغى عبابا
وجن حتى ملأ الشعابا
يا اليتني لو تدفع المصابا
ليت وتحلى الصبر المذابا
أدري لداء منهكي طبابا
يبلد الإحساس والألبابا
يفل حد الخطب إن أصبابا
ويذهب الأشجان والأوصابا
إني سمعت في الدجى اصطخابا
كأن في إهابه ذئابا
سيمت أذى فطلبت وثابا
مستهولاً ينتزع الصوابا
يهتك من فودك الحجابا
مثل الصدى قد عمر الخرابا
كأن حولي رمماً أسلابا
تفصل في مسامعي خطابا
وخلت أني ناظرٌ شبابا
تخالهم على الثرى ثيابا
بيضاً وطوراً تجتلي ضبابا
منهم يغطي الأفق والرحابا
ويحجب الأطواد والسحابا
تنكره إذا بدا أو غابا
فقمت أسعى نحوهم مرتابا
منجفلاً ومرة وثابا
يا ليتني لم أبتغ اقترابا
وليتني جانبتهم جنابا
أي قضاء قد مضى غلابا
وأي خطبٍ قد رمى فصابا
وبز هذي الأنفس الصعابا
أرواحها وأولغ الذئابا
في دمعها ووسد الترابا
خدودها النواضر الراطابا
وبذر الرؤوس والرقابا
ونثل الكبود والعيابا
وفرق الخلان والأحبابا
وجمع الوحوش والعقابا
يا ويح أيدٍ جنت المصابا
وهاجت السيوف والحرابا
وتخذت من الردى أسبابا
يا ممطراً على الورى عذابا
وراعيا جماجماً صلابا
ومجرياً دماءها عبابا
وظالماً لا يتقي حسابا
أجلك يبكي الحضر الغيابا
وتألف الوجوه الاكتئابا
وتركب الأرامل الصعابا
وتحمل الكواهل الهضابا
ليت الذي سن لنا القرضابا
يسمع لو يسطيع ذا الخطابا
من ذاهبٍ لا يرتجي إيابا
وسائل لا يحفل الجوابا
يلبس من دمائه جلبابا
متخذاً جراحه أكوابا
بكرهه ودمه شرابا
يا ملكاً أجبت إذا أهابا
خال الدماء ذهباً مذابا
فساقنا إلى الردى أغصابا
أجر وليدي واحتقب ثوابا
وكن معيناً لأبٍ قد شابا
يبكي ويستبكي لي السحابا
وزوجةٍ ألبسها المصابا
تسفى على واضحها الترابا
لا تجعلن ظلم العباد دابا
بل أنت لا تسمع لي خطابا
هل يرحم الضعيف والمصابا
ملكٌ يرى الرحمة فيه عابا
أدعو الذي أن أدعه أجابا
ثم ارتمي وافترش الصحابا