جميع اليهودِ على دين موسى
وكل النصارى تدينُ لعيسى
فريقان ضَـلاّ
وعاشا التخلفَ جُـزءاً وكـُلاّ
ولم يهضِما (مثلنا) الدِّين عَقـدًا وحَـلاّ
فنحنُ خَـلـعـنا اللباسَ الموحّـدْ
ملِلنا النظامَ الرتيبَ المعقّدْ
واختار كلٌّ - بحسب هواه - لَبوسا
ومارَس كيف يشاء طقوسا
فمن شاء صَـلّى
و من شاء عَــربَدْ
( و من شاء يفعلُ ما شاء ( إلاّ
( و كل الكلام بَواحٌ له غيرُ ( كـَلاّ
نُقامُ ونُـقـعَـدْ
و نُنفى ونُبعَـدْ
و هذا اجتماعٌ يُفَـضُّ ، وذلك آخر يُعقدْ
و خمسون عاماً، ولا شيء إلاّ
شعـارٌ يُردّدْ
و زعمٌ يؤكـّدْ .. ولا يتأكدْ
(و حريةُ القولِ ، عنا تُردّدُ ( قولا
(و حريةُ الفعل فينا ، ( تُطبّقُ فعلا
و رغم التعاسةِ
لا نتعاطى شعوراً تعيسا
مسارٌ محدّدْ
و سهمٌ مسدّدْ
و من يُحقَن ِ الذلّ خمسين عاماً
فلا بد أن : يتعـوّدْ
سبقنا اليهود ، وكلّ النصارى ، وحتى المجوسا
و فُقنا البرايا فرنجاً وروماً وروسا
و لا غروَ
إذ نحن أكرمُ منهم جـِـبــِلاّ
و أثرى ثراءً ، وأقوى انتماءً ، وأرقى مَحِلاّ
و أكثرُ عَدّا ، وأكرمُ جَدّا ، وأغنى تراثاً ، وأنقى سِـجـِلاّ
فنحن الذين ولَدْنا امرأ القيس
و الزيرَ سالمَ، وابنَ المُـلَـوّحْ
و حَجّاجَ واسِطَ ، والعنَسيّ ، وشِمرا
و منا المعزُّ ، ومنا المؤيَّـدْ
و زَلزَلُ منا ، ومَـعْـبَدْ
و نحن - ولا فخر - أبطال داحسْ
و نحن قتلنا كليباً ، ونحن ولَدْنا البَسوسا
و - للعلم - نحن اخترعنا الفـؤوسا
و نحن جحافلُ يوم الفِجار
و دير الجماجم
و القادسيةِ - هذي الأخيرهْ - وأمِّ المعاركْ
فنحن الأرومةُ في كل مشهدْ
و كل الوقـائع ِ تشهدْ
و أما اليهودُ ، فكانوا موالٍ لدينا
فقط يصنعون السيوف لنا والتُروسا
فـَـرَشْنا طريق الشهادةِ غاراً وفُـلاّ
و من حيث أناّ رعاةٌ
: وجَـدنا المسيرَ عليه مُمِلاّ
لهذا وهبنا اليهود تراباً ، ونحن أخذنا فلوسا
طريقٌ معبّدْ
و سجنٌ مؤبدْ
و تصرخُ فينا الكرامةُ أن : لا
و لكنّ صوتَ الكرامةِ يُخمَدْ
و عمّا قريبٍ : هو اليومَ ، أو غدْ - ولا تطل العَدّ
فـقـد نـتـهَــوّدْ
خطبنا المعالي ، فزُفّتْ إلينا عَروسا
و خُضنا إلى المجدِ حرباً ضَروسا
بسيفِ وعيـد ٍ مجـرّدْ
وصَرْحٍ من التُـرّهات ممرّد
وألفِ عكاظ ٍ ومربـدْ
ففُـزنا على رغم أنفِ الأنام بـ( أرفع ِ) مَقعدْ
قهرنا اليهودَ
غلبنا النصارى
هتكنا المجوسا
وذلك أناّ
أشدُّ عُبوسا ، وأيبسُ منهم رؤوسا
فنحن من الحجر الصّـلدِ أصـلدْ
و نحن من النار أحمى
و نحن من الثــلج ِ أبردْ
إذا ما هَممنا فلا نترددْ
لا نـتـقـلّص .. لا نتمدّدْ
و لا نتوانى أمام عظيم
و لا نتولّى
( و إن كان ربُّكَ ( عزّ وجلاّ
ولسنا أذلّ خصوماً ، ولسنا أعزّ نفوسا
ولكن …… خُلقنا تيوسا
صعدنا إلى ملكوت السماوات من غير مصعدْ
ظهَرْنا على الغيب من غير مَرصَـدْ
وليس لنا في السماوات شغلٌ
سوى أننا نتسلّى
وما إن أفَدنا من الغيب إلا فسادَ خيالاتِنا
ليس إلاّ
فنحن - ولا شكّ - لغزٌ معـقّـدْ
نعيش لنُقتَلْ ، كما الزرع يُروى ليُحصـدْ
نُربّى لنؤكلْ ، كأناّ دجاجٌ مجمّدْ
أميرٌ معمّدْ
ومَلْكٌ مخلـّدْ
ونصعد كرسيّ موسى
ونلبس من طوق عيسى
ونزلق باسم محمدْ
ونرفع للنصر ألفَ شعار
وياليت شِعر مئاتِ الملايين
هل يصنع النصرَ ألفُ شعار
وهل يُدرك السّعـدَ .. أو يَصدق الوعدَ
مرتـدْ ………….؟
كثُرنا إلى أن ملأنا الحُبوسا
رفعنا اليدين خفضنا الرؤوسا
تركنا الإله عبَدنا الرئيسا
وكل العوالم صارت تجيء لتأخذ منا دروسا
ذُبحنا سجوداً بصحن المصلّى
وحسُّ العروبة فينا اضمحـلاّ
وتُجهش فينا المروءةُ ذُلاّ
ولكنّ دمع المروءةِ يـوأدْ
وخمسون عاماً ، ولا شيء : إلاّ
حصارٌ مشدّدْ
مصيرٌ مهدّدْ
وبعض هراءٍ يُردّدْ
وفينا هياكلُ تُـعبَدْ
يقولون أناّ
سَبقنا اليهود
سَبقنا النصارى
سَبقنا المجوسا
ولا شيءَ أعجبَ من سابق
وهـو مُـقـعَــدْ