بدر شاكر السياب

1926-1964

ستار - P

عيناك والنور الضئيل من الشموع الخابيات
والكأس والليل المطل من النوافذ بالنجوم
يبحثن في عيني عن قلب وعن حب قديم
عن حاضر خاو وماض في ضباب الذكريات
ينأى ويصغر ثم يفنى إنه الصمت العميق
والباب توصده وراءك في الظلام يدا صديق
كالشاطئ المهجور قلبي لا وميض ولا شراع
في ليلة ظلماء بل فضاءها المطر الثقيل
لا صرخة اللقيا تطيف به ولا صمت الرحيل
يمناك والنور الضئيل أكان ذاك هو الوداع ؟
باب وظل يدين تفترقان- ثم هوى الستار
ووقفت أنظر في الظلام وسرت أنت إلى النهار
في ناظريك الحالمين رأيت أشباح الدموع
أنأى من النجم البعيد تمر في ضوء الشموع
واليأس مد على شفاهك وهي تهمس في اكتئاب
ظلاً- كما تلقي جبال نائيات من جليد
أطيافهن على غدير تحت أستار الضباب
لا تسألي ماذا تريد ؟ فلست أملك ما أريد
باب وظل يدين تفترقان- ليتك تعلمين
أن الشموع سينطفين, وأن أمطار الشتاء
بيني وبينك سوف تهوي كالستار فتصرخين
الريح تعول عند بابي لست أسمع من نداء
إلا بقايا من حديث رددته الذكريات
وسنان هوّم كالسحابة في خيالي ثم مات
أنا سوف أمضي سوف أنأى سوف يصبح كالجماد
قلب قضيت الليل باحثة على الضوء الضئيل
على ظله في مقلتي فما رأيت سوى رماد
أنا سوف أمضي ربما أنسى إذا سال الأصيل
بالصمت أنك في انتظاري ترقبين وترقبين
أو ربما طافت بي الذكرى فلم تذك الحنين
الزورق النائي وأنات المجاديف الطوال
تدنو على مهل وتدنو في انخفاض وارتفاع
حتى إذا امتدت يداك إلي في شبه ابتهال
و همست ها هو ذا يعود! رجعت فارغة الذّراع
وأفقت في الظلماء حيرى لا ترين سوى النجوم
ترنو إليك من النوافذ في وجوم.. في وجوم
قد لا أؤوب إليك إلا في الخيال وقد أؤوب
لا أملس في قلبي ولا في مقلتي هوى قديم
كفان ترتجفان حول الموقد الخابي.. وكوب
تتراقص الأشباح فيه.. وتنظرين إلى النجوم
حذر البكاء.. وكيف أنت تهز قلبك في ارتخاء
عاد الشتاء
فتهمسين: وسوف يرجع في الشتاء
168 Total read