ومثلما الشهوةُ تنبت
بين انتفاضات الجسد تتسلّل
الكآبة في آخر الليل بين أصابعي
أكفّن وجهي في عنقك وأبكي
جميع البجعات التي رحلت
إلى الجزر الغربية كي تموت
أعدو وراءها على الشاطئ أدركها
بعد أن ينغرس منقارها في الرمال
كراية الهزيمة
ويذوي بياضها على الصخور
ثمّ كيف ستأتي القصيدة
أردتُك مرّةً عاريةً في ظلّ لوزةٍ زهرةٍ. ثم
أموتُ ولا أرى كيف أضاعت
الطفلة جديلتها في الوحل
ولا تغمر ذاكرتي كلّ هذه التماثيل
يقفلون الشبّاك في وجه
الحُلُم الذي يتسلّق ُ نافذتي
كالصبي الأعرج
يذبحونه على المنعطف
ويرسمون بدمه التعاويذ
على بابي
ثمّ كيف ستأتي القصيدة
أفتح خريطة العالم
أبحثُ فيها عن ضيعةٍ
أضعتها
أبحثُ في جيوبِ جدّ ما عرفته
عن فُتاتِ حكايات وروائح طريفة
أتعلّقُ في عُنقه كالفراشة
أتأرجح
وأدفن في رئتي كلّ شغفه. لو
كانت له عينان زرقاوان
لعلّقهما في عُنُقي
حجاباً
أتأرجحُ
وأتحسّسُ جميع المعابد الغريقة
في راحته أسأله
أن يلوّن َ عيني
بالرحيل ويعيدني إلى الأسطورة بعباءةٍ
من أجنحة النوارس الشمالية
أتأرجح
وأسأله أن يعلّقني في عنق بجعةٍ
أطوفُ جميع الجزر قبل
أن أولد حيثُ
أشاءُ
أعرفُ الأحلام واحداً واحداً
ثمّ كيف ستأتي القصيدة
وأقول كيف تعبرني جميع
هذه الأيام كشذى الليمون وأخاف
أن تسقط منّي
الكلمات على الشارع يوماً
ويلتقطها الأطفال
يصنعون منها ذيولاً لطيّاراتهم
الورقيّة
ويعبئون بها الفجوات في أحلامهم. أخاف
أن أموت قبل أن
تُدركني جميع الكلمات التي تطاردني
فلا يذكرني أحد
ثمّ كيف ستأتي القصيدة
والتي لوّحت بالمنديل قالت
'افتح خريطة الألم كالموسى
في وجه الغُربة
ابحث على نصلها عن جزيرة لا
يشنقون فيها الناس على
شارات المرور
وهناك ستمرّ فوق حواجز الشّرطة
لأنّك كالريح الآتية من البحر
وحينما أقفلوا النافذة في وجهه
لم أجد غير الألق على رموشي
ثمّ كيف ستأتي القصيدة
وكيف سأبدأ إذا جاءت أوفيليا
تحملُ وردةً يابسةً تغرسها
في ظهري وأقفُ بعدها
وحيداً على المسرح
القاعةُ فارغةٌ إلا من الظلام والأبواب
جميعُها مقفلةٌ وأخاف
أن أتكلّم
فتنقضّ عليّ الضحكات كالخفافيش
فلأجلس في مكاني إذن وأحلم لعلّ
وجهاً يجرؤ أن يرتسم في الظلمة
كبصمة الجلاّد
ثمّ كيف ستأتي القصيدةُ