تـرنَّمَ حتى صـفَّق العـشب والـــــــــــوكْرُ
هتـوفٌ عـلى أحـلامه استـيـقـظَ الفجـــــرُ
وأسمَعَنـي مـن غـير نطقٍ قصـــــــــــائداً
أجـاب لعـمـري حسنَ مـنطقِهـا الطـــــــير
عـلى سُرُرٍ مـوضـوعةٍ مـن خمــــــــــــائلٍ
وأوراقهـا مـن حـوله حــــــــــــللٌ خُضْر
وفـي الـورد مـن لـون الـيـواقـيـت شعـلةٌ
تـنـير بـلا نـارٍ شقـائقُهـا الـحـمـــــر
إذا سَرَتِ الأنغام نشــــــــــوى مع الندى
تجـاوبتِ الأنسـامُ أو جـــــــــاوبَ العطر
ولـمّا سقـاه النهـرُ مـالَ تـواضعــــــــاً
وكـان بـلـيغاً مـن تـــــــــواضعه الشكر
فلـيـتَ لغات النـاس كـانـت جـمـيعهـــــا
عـلى مـثل مـا يُهديـه مـن عطره الزهــــر
ولـيـت شعـوبَ الأرض كـالطـير أســـــــرةٌ
بنى عـشَّهـا الإيـنـاسُ والصـفْو والــــبِشْر
إذا نقص الـحـبُّ النديُّ فحسبُهــــــــــــا
مـن الـحـبّ عـيشٌ لا يلـمُّ بـــــــــه غدر
وكـائنْ تـرى فـي الروض دنـيـا وعـالـمــاً
بـدائعُه فـي الصنع لـيس لهـــــــــا حصر
يصـوِّرهـا مـن لا يصـوِّر مـــــــــــــثله
وشـائعَ مـن نـورٍ يـتـرجـمهـــــــا النَّوْر
جـرَتْ فـي روابـيـهـا جـداولُ عسجــــــــدٍ
عـلى سندسٍ قـد حـال فـي شَهْدهـا الــــتِّبر
وقـد مدَّتِ الأشجـار فـيـهـا غصـونَهــــــا
كـمـا مدَّ كفّيــــــــــــه إلى الله مضطَرّ
هـي الـحسْن مـنشـوداً، هـي الفــــن معجزاً
وإن لـم تكـن شعـراً فقـل إنهـا السِّحــــر
فلـيـت حـيـاة النـاس كـالروض بــــــهجةً
بـهـا تُورق الأيـامُ والأمــــــــل النَّضْر
إذاً لجعـلنـا هـــــــــــــذه الأرضَ جنةً
بـهـا النـاس أمـلاكٌ هـم الخـير والطهــر
وقـيل ابتسـامُ الزهـر فلـتبسمِ الـمــــنى
وقـيل جـمـال الروض فلـيجـمــــــلِ الفكر
إذا مـا بـدا حسنُ الربـيع فإنمـــــــــا
بفـاروق هـذا الـيـمـن والسعـد والـبشــر
تتـوِّجُهُ كل القـلـوب بحـبـهـــــــــــــا
فأعـظِمْ بـمُلْكٍ مشـرقٍ عــــــــــرشه الصدر